يواجه الصحفيون والعاملون في المجال الإنساني في قطاع غزة خطر الموت البطيء، وفق تحذيرات شديدة اللهجة أطلقتها وكالة الأنباء الفرنسية (AFP)، التي قالت إن "آخر زملائنا قد يفارق الحياة قريبًا إذا لم يتم التدخل بشكل عاجل".
وفي بيان نُشر عبر منصة "إكس"، أعربت وكالة الانباء عن قلقها العميق على حياة طاقمها العامل داخل القطاع، والذي يضم كاتبًا مستقلاً، وثلاثة مصورين، وستة مصوري فيديو، لا يزالون من بين القلّة التي تواصل العمل في الميدان. وقالت النقابة: "منذ تأسيس الوكالة عام 1944، خسرنا زملاء في النزاعات، وأصيب البعض أو أُسر، لكن لا أحد يتذكر أن صحفيًا مات جوعًا".
وأوردت الوكالة من خلال بيان لها شهادة لأحد مصوريها في غزة، بشار طالب، قال فيها: "لم أعد قادرًا على تغطية الأحداث. جسدي نحيل ولا أستطيع المشي. شقيقي الأكبر انهار من شدة الجوع".
كما حذّرت من الخطر الداهم الذي يواجه الصحفيات، ونقلت عن مراسلة تُدعى أحلام: "كل مرة أغادر الخيمة لتوثيق حدث أو إجراء مقابلة، لا أعرف إن كنت سأعود حيّة".
ورغم استمرار دفع الرواتب، أوضحت النقابة أن الأزمة تتعلق بانعدام توفر الطعام، لا بالقدرة على شرائه، مشيرة إلى أن أسعار المواد الغذائية باهظة جدًا، وإن توفّرت.
أكثر من ألف قتيل أثناء محاولة الحصول على المساعدات
في السياق ذاته، حذّرت وكالة "أونروا" من انهيار الوضع الإنساني في غزة، مؤكدة أن الجوع أصاب الجميع، بمن فيهم الأطباء والممرضون والعاملون في الإغاثة، والذين بدأ بعضهم يفقد الوعي أثناء أداء مهامهم. وقال المفوض العام للوكالة، فيليب لازاريني: "مقدمو الرعاية يحتاجون إلى رعاية. لا أحد محصّن من الجوع. لقد تلقينا عشرات رسائل الطوارئ من موظفينا الذين يعانون الجوع والإرهاق الشديد".
وانتقد لازاريني بشدة خطة توزيع المساعدات التي تديرها "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة أمريكيًا، واصفًا إياها بأنها "فخ سادي قاتل"، حيث يُطلق القناصة النار عشوائيًا على الحشود. وأكد أن أكثر من 1000 شخص قتلوا أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء منذ نهاية مايو/أيار، معظمهم عند نقاط توزيع تديرها المؤسسة.
كما أفادت وزارة الصحة في غزة أن 86 شخصًا ماتوا جوعًا منذ بداية الحرب، من بينهم 76 طفلًا، فيما توفي 19 منهم خلال الأيام القليلة الماضية فقط. وأكدت الوزارة أن "وفيات جماعية" تلوح في الأفق إن استمر الحصار ومنع إدخال الغذاء والدواء.
أونروا: الجوع يفتك بالناس على بُعد كيلومترات من الغذاء.
رغم وجود كميات كبيرة من المواد الغذائية على بُعد كيلومترات من غزة، إلا أن الحصار الإسرائيلي يمنع دخولها. وقالت الأونروا إن السكان يُجبرون على التنقل باستمرار داخل مساحة لا تتجاوز عُشر مساحة القطاع، دون أي ملاذ آمن، مشددة على أن وقف إطلاق النار بات ضرورة إنسانية عاجلة لا تحتمل التأجيل.
من جهتها، ردت "مؤسسة غزة الإنسانية" على اتهامات الأمم المتحدة قائلة إنها تمتلك كميات كافية من المساعدات، وإنها طالبت بتعاون أممي لتوزيعها لكن دون جدوى، وهو ما نفته الأمم المتحدة بشكل قاطع.
وفي مشهد يعكس مدى القسوة، انتشرت مؤخرًا على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع لصحفيين في غزة ينهارون أثناء التغطية، ويعرضون بيع كاميراتهم مقابل القليل من الطعام، فيما ظهر آخرون يشربون الماء مع الملح فقط لتهدئة آلام الجوع.
First published: 17:08, 22.07.25