أعلن الجيش اللبناني، بعد ظهر اليوم، توقيف المطلوب نوح زعيتر في كمين محكم نُصب له على طريق الكنيسة – بعلبك.
وقال الجيش عبر منصّاته الرسمية: «أوقفت قوّاتنا المواطن (ن.ز.)، أحد أخطر المطلوبين، في كمين على طريق الكنيسة – بعلبك».
وفي السياق ذاته، أفاد مصدر عسكري بأنّ نوح زعيتر، الذي يُعدّ أبرز تجّار المخدرات في لبنان، أُوقف «خلال عملية أمنية نفذها الجيش في منطقة البقاع، المنطقة التي أدار فيها إمبراطورية لتصنيع وتهريب المخدرات، من بينها حبوب الكبتاغون بين لبنان وسوريا»، وفق تعبيره.
وتواصل وحدات الجيش حملتها ضد المطلوبين ومروّجي المخدرات والمخلّين بالأمن في مختلف المناطق اللبنانية. وفي هذا الإطار، أوقفت دورية من مديرية المخابرات، اليوم، في منطقة تلّ عباس – عكار، المواطن (ف.م.) لتورّطه في ترويج المخدرات، وضبطت بحوزته كمية كبيرة منها، إضافة إلى ذخائر حربية.
كما أوقفت وحدة من الجيش عند حاجز الصدقة – عكار المواطن (و.ق.) بعد العثور بحوزته على كمية من الأسلحة والذخائر الحربية، بحسب بيان لقيادة الجيش.
وكان الجيش قد فقد عسكريَّين وأُصيب ثلاثة آخرون، يوم الثلاثاء، خلال اشتباكات وقعت مع مطلوبين أثناء تنفيذ مديرية المخابرات سلسلة مداهمات، بمساندة وحدة من الجيش، في منطقة الشراونة – بعلبك.
بابلو أسكوبار لبنان
لطالما عُرف نوح زعيتر بلقب "بارون الحشيش"، فيما يذهب آخرون إلى وصفه بـ"بابلو إسكوبار لبنان"، نظراً لإدارته ميليشيا مسلّحة تُعرف باسم "ألوية القلعة" في منطقة البقاع، نسبة إلى قلعة بعلبك، حيث يتمتع بنفوذ واسع.
وفي عام 2021، أصدرت المحكمة العسكرية اللبنانية حكماً غيابياً بسجنه مؤبداً على خلفية مقتل عنصر أمني في كمين نُصب له سابقاً.
كما يواجه زعيتر اتهامات دولية من الولايات المتحدة ودول أوروبية بقيادة شبكة لتهريب الكبتاغون لصالح حزب الله والنظام السوري السابق، وهي اتهامات ينفيها بالكامل، مؤكداً أنها "مفبركة ولا تستند إلى أي أساس".
وفي عام 2024، انتشرت شائعات عن مقتله في غارة إسرائيلية، إلا أنّ مقربين منه سارعوا إلى نفيها.
من هو نوح زعيتر؟
على مدى أكثر من عقدين، ارتبط اسم نوح زعيتر بالأسطورة والغموض والقدرة على الإفلات من قبضة القانون، رغم ظهوره المتكرر في وسائل الإعلام وفي برامج تلفزيونية، حيث دأب على نشر مقاطع مصوّرة يتحدى فيها القوى الأمنية ويتحدث في السياسة وحياته الخاصة.
وأخيراً، وقع زعيتر في قبضة الأمن اللبناني بعد كمين أُعد له عند خروجه من منزله، حيث استسلم من دون أي اشتباك، خلافاً لظهوره المعتاد ضمن مواكب مسلّحة.
ويخضع زعيتر لحكم صادر عن المحكمة العسكرية يقضي بالأشغال الشاقة المؤبدة، وهو مطلوب بمئات مذكرات التوقيف بتهم تتعلق بالاتجار بالمخدرات وممارسة العنف المسلح.
على مدى سنوات، حاولت القوى الأمنية اللبنانية اعتقاله، إلا أنه كان ينجح في الفرار مستخدماً السلاح، كما حدث عام 2014 حين أُصيب بطلقات نارية، نُقل إلى المستشفى ثم تمكن من الهرب.
وينحدر زعيتر من بلدة الكنيسة في بعلبك، ضمن أقصى البقاع الشمالي المحاذي لسوريا. وكان يحيط نفسه بحماية مشددة، وهو مطلوب للإنتربول الدولي بتهم تتعلق بالاتجار بالمخدرات وتهريبها، والإرهاب، وتجارة السلاح، والخطف واحتجاز الأشخاص.
وقد بنى زعيتر "إمبراطوريته" في سهل البقاع، المنطقة التي تُعد مركزاً لزراعة الحشيشة في لبنان، مستنداً إلى نفوذ عائلي وقَبَلي وعلاقات واسعة مع شبكات تهريب دولية.
ورغم الملاحقات الدولية والعقوبات الأميركية والأوروبية، ظلّ زعيتر بعيداً عن السجون، يظهر ويختفي بانتظام، ما ساهم في تكريس صورته كـ"الرجل الذي لا يُطال".
إلا أن المشهد تبدّل اليوم مع إعلان توقيفه في بعلبك، بعد سلسلة عمليات نفّذها الجيش اللبناني، شملت اعتقال مطلوبين وضبط كميات كبيرة من المخدرات، يُعتقد أنها ستوجّه ضربة قاسية لشبكة واسعة من تجارة "السم الأبيض".


