رغم الضغوط الاقتصادية المتزايدة التي تشهدها روسيا منذ بداية الحرب، إلا أن خبراء ومحللين يؤكدون أن الرئيس فلاديمير بوتين لا يعتزم الدخول في مفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا في المستقبل القريب.
الاقتصاد يعاني ولكن الصمود مستمر
تواجه روسيا تضخمًا متسارعًا، وعجزًا متفاقمًا في الميزانية بسبب الإنفاق العسكري الهائل، وتراجعًا في عائدات النفط والغاز. ورغم هذا، تؤكد ماريا سنيغوفايا من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (CSIS) أن الوضع لا يزال "قابلًا للإدارة" ويمكن للكرملين تحمّله لسنوات قادمة دون تغيير في السياسة.
الخبير ريتشارد كونولي من المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI) أشار إلى أن استمرار تصدير النفط بأسعار مناسبة يُبقي خزينة الدولة قادرة على تغطية نفقات الحرب، رغم التأثيرات السلبية للعقوبات الغربية.
رفع الضرائب والضغوط على المجتمع
في ظل تراجع النمو الاقتصادي، بدأت الحكومة الروسية بنقل عبء الحرب إلى المجتمع عبر رفع ضرائب الشركات والدخل وضريبة القيمة المضافة. كما يشهد المواطنون ارتفاعًا كبيرًا في أسعار السلع، خاصة المستوردة.
لكن، وفقًا لسنيغوفايا، فإن التضخم لا يُحدث بالضرورة سخطًا شعبيًا واسعًا في روسيا، بسبب مزيج من التكيّف المجتمعي والدعاية الحكومية. وتشير توقعات صندوق النقد الدولي إلى أن التضخم سيبلغ 7.6% هذا العام.
المستفيدون من اقتصاد الحرب
الإنفاق العسكري الضخم خلق طبقة جديدة من "الرابحين" اقتصاديًا مثل شركات الأسلحة والعمال الصناعيين، ما ساهم paradoxically في تقليص التفاوت الاقتصادي داخل روسيا. وفي المناطق الريفية الفقيرة، ارتفعت دخول الجنود وعائلاتهم بشكل غير مسبوق، حيث تُعرض رواتب تصل إلى 65 ألف دولار سنويًا للجنود.
وإلى جانب الرواتب، تُقدم تعويضات مالية كبيرة لعائلات القتلى والجرحى، ما ساعد على تجنّب احتجاجات واسعة كتلك التي حصلت في حروب الشيشان وأفغانستان.
التحديات القادمة: تآكل صندوق الثروة وتكلفة التهرب من العقوبات
يشير تقرير للمجلس الأطلسي إلى أن صندوق الثروة السيادي الروسي انخفض بنسبة 57% منذ بدء الحرب، ما قد يضطر الكرملين إلى خفض الإنفاق الاجتماعي مستقبلًا.
كما أدى فرض عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على شركات النفط الكبرى إلى زيادة تكلفة التصدير، حيث باتت موسكو تعتمد على وسطاء وشركات صغيرة لتفادي القيود، وهو ما يُكلّفها كثيرًا. وترى الخبيرة كيمبرلي دونوفان أن زيادة الضغط والعقوبات، خاصة على الصين والهند لوقف شراء النفط الروسي، قد تُغيّر في نهاية المطاف حسابات بوتين.



