يضرب المنخفض الجوي "بايرون" قطاع غزة بعنف غير مسبوق، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية القائمة أصلًا نتيجة الحرب، في وقت حذّر فيه المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة من أنّ البرد والأمطار "تعرضان الفئات الأكثر ضعفًا، وخصوصًا الأطفال حديثي الولادة، لخطر جسيم"، مشيرًا أيضًا إلى أنّ منع دخول المواد التعليمية إلى القطاع يعرقل جهود إعادة الأطفال إلى الدراسة.
العاصفة في غزة: أمطار غزيرة وخيم منهارة
شهدت محافظات قطاع غزة، ولا سيما خان يونس شمالًا وجباليا جنوبًا، أمطارًا غزيرة ورعدية أدت إلى انهيار خيم وغرق شوارع وأحياء كاملة، وسط غياب شبه تام للبنية التحتية والخدمات.
وفي جباليا، وُصف المشهد بأنه "كارثي". وقال الصحافي وائل أبو عمر إن المخيمات تواجه العاصفة بلا كهرباء أو غاز أو وسائل تدفئة، مؤكّدًا: “هذه ليست مجرد عاصفة بل شكل آخر من أشكال الموت".
كما أفاد سكان في شمال ووسط القطاع بأن المياه غمرت عشرات الخيام والملاجئ المؤقتة، فيما شهدت مخيمات النزوح حالات إغماء بين الأطفال بسبب البرد الشديد، مع استمرار النقص في البطانيات ووسائل التدفئة.
85% من معدات البلدية مدمّرة
رئيس بلدية غزة، يحيى السراج، قال إن طواقم الطوارئ "تعمل بقدرات محدودة للغاية"، موضحًا أن 85% من معدات وآليات البلدية دُمِّرت خلال الحرب، ما اضطرها لاستئجار آليات قديمة من السوق الخاصة "لا تعمل بفعالية كافية". وأضاف أن كوادر البلدية حاولت طوال الليل فتح قنوات تصريف المياه وإنقاذ العائلات من الخيام والانهيارات.
300 ألف أسرة بلا مأوى و125 ألف خيمة متضررة
وكشفت مصادر فلسطينية أن نحو 288 ألف أسرة أصبحت بلا مأوى بسبب الدمار والعاصفة، فيما تضررت أكثر من 125 ألف خيمة أو تهتّرت بالكامل، ما جعلها غير صالحة لحماية النازحين من الأمطار والبرد.
كما أدى الطقس العاصف إلى تعطيل 10 نقاط طبية متنقلة كانت تقدم خدمات إسعافية عاجلة، ما يرفع من خطورة الوضع الصحي في ظل انتشار البرد والأمراض المعدية وغياب الحد الأدنى من مقومات الرعاية.
الأونروا: بحاجة إلى 300 ألف خيمة ولم يدخل سوى 20 ألف
وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أكدت أن القطاع يحتاج بشكل عاجل إلى 300 ألف خيمة جديدة، غير أن ما دخل غزة حتى الآن لا يتجاوز 20 ألف خيمة فقط، أي نحو 7% من حجم الاحتياج الفعلي.
الوكالة أوضحت أن الخيام الموجودة تحوّلت إلى “مصدر إضافي للمعاناة”، إذ تسرّبت إليها المياه وتحوّلت أرضياتها إلى طين، ما يفاقم انتشار الأمراض ويهدد حياة الأطفال وكبار السن.
الأمم المتحدة تحذر: الوضع قد يتدهور أكثر
المتحدث باسم غوتيريش أكد أن سوء الأحوال الجوية “يضرب أشد الناس هشاشة”، محذرًا من أن استمرار منع دخول المساعدات الطبية والمواد التعليمية والمأوى المناسب سيؤدي إلى "تفاقم غير مسبوق للأزمة الإنسانية خلال فصل الشتاء".
مشاهد من قلب الأزمة
في أنحاء غزة، تظهر الصور ومقاطع الفيديو خيامًا منهارة، أطفالًا يحاولون دفع مياه الأمطار خارج ملاجئهم، رجالًا يحفرون خنادق بدائية حول الخيام، ونساءً يحملن أطفالهن بعيدًا عن السيول في الظلام.
وفي ظل استمرار المنخفض "بايرون"، يؤكد العاملون في الإغاثة أن الأيام المقبلة ستكون "أصعب بكثير"، ما لم يُسمح بإدخال معدات طوارئ وخيام ومساعدات إنسانية عاجلة وبدون عوائق.





