شيّعت جماهير غفيرة من مدينة عرّابة الجليلية والمجتمع العربي عمومًا، مساء اليوم الثلاثاء، جثمان الشاب قاسم محمود عاصلة (18 عامًا)، الذي قُتل صباح أمس الإثنين إثر جريمة إطلاق نار بشعة استهدفته أثناء توجهه إلى عمله برفقة والده.
وعاشت البلدة حالة من الصدمة والذهول منذ لحظة انتشار الخبر، إذ يُعدّ قاسم من الشبان المعروفين بحُسن الخلق والتعاون مع عائلته، وقد أنهى دراسته الثانوية قبل أشهر وبدأ العمل في مجال البناء والقصارة إلى جانب والده، سعيًا لمساندة أسرته.
"أحلامه توقفت برصاصة غادرة"
في حديث خاص لـ"راديو الناس"، قال عمّ الضحية علي عاصلة بصوتٍ يغلبه الحزن:"نحتسبه عند رب العالمين. الأمور تفلت من أيدينا جميعًا. لا ألوم أحدًا بعينه، لكن أوجّه رسالتي لكل المسؤولين وأعضاء الكنيست ورؤساء السلطات المحلية ورجال الدين، أن يتحركوا قبل فوات الأوان."
وأضاف بمرارة:"لا يمكننا أن نعوّل على الشرطة إطلاقًا. من يقف على رأسها إنسان عنصري وفاشل بكل معنى الكلمة. الوزير بن غفير هو أفشل من تولّى وزارة الأمن القومي. الشرطة لا تبحث حقًا عن المجرمين، لأنها شريكة في هذه الفوضى. هذا جزء من سياسة مدروسة تهدف إلى إضعاف مجتمعنا العربي وإخراجه من دياره."
وتحدث العم عن شخصية ابن أخيه قائلاً:"قاسم أنهى تعليمه حديثًا وبدأ يساعد والده. كان حلمه أن يخفف عنه ويؤمن مستقبل شقيقتيه؛ واحدة تخرّجت من التخنيون، والثانية تدرس في جامعة القدس. كان يقول: أنا أشتغل عشان خواتي يكملوا تعليمهم. كان محبوبًا من الجميع، خلوقًا، يحلم بمستقبل مشرق لعائلته، لكن الرصاص الغادر أنهى أحلامه."
واختتم حديثه بكلمات مؤثرة:"ما حدث ليس موتًا طبيعيًا، بل انتزاع روح بيد بشر. هذه الجرائم تقتل فينا الأمل يومًا بعد يوم."
غضب شعبي ومطالبات بالتحرك
أثارت الجريمة موجة غضب واستنكار واسعة في عرّابة والبلدات العربية المجاورة، حيث عبّر الأهالي عن سخطهم من تصاعد العنف والجريمة المنظمة التي تحصد أرواح الشباب بشكل شبه يومي، مطالبين بخطة حكومية جدّية ومحاسبة المسؤولين عن التقاعس الشرطي المزمن.
وبحسب معطيات مركز "مبادرات إبراهيم"، فإن حصيلة ضحايا العنف في المجتمع العربي تجاوزت 200 قتيل منذ مطلع عام 2025، في مؤشر ينذر بانهيار منظومة الأمان داخل البلدات العربية.
وفيما تستمر الجنازات والدموع، تبقى عائلة عاصلة وغيرها من العائلات الثكلى تدفع ثمن العجز الرسمي والتقصير الأمني، في انتظار عدالة تبدو بعيدة المنال.








