حقق علاج دوائي تجريبي نتائج واعدة في تأخير تطوّر سرطان الثدي بنسبة 56%، عندما تم إعطاؤه للمصابات قبل أن تظهر عليهن أعراض سريرية لتدهور الحالة. وقد عُرضت نتائج الدراسة في المؤتمر العالمي الأكبر للأورام (ASCO) في شيكاغو، وتُعد هذه المقاربة خرقًا للنظرة التقليدية التي تقضي بالانتظار حتى تقدّم المرض لتبديل العلاج.
تغيير قواعد اللعبة: علاج مبكر قبل التدهور السريري
وفقًا للبيانات التي عرضت في الجلسة الرئيسية للمؤتمر، فإن العلاج باستخدام دواء جديد يُدعى (Camizestrant)، من إنتاج شركة أسترازينيكا، نجح في تأخير تطوّر المرض لدى مصابات بسرطان الثدي على أساس فحص دم يُعرف بـ"الخزعة السائلة"، يهدف لاكتشاف طفرة في الجين ESR1، المرتبط بتطور مقاومة للعلاج الهرموني.
الخلفية العلمية: 70% من سرطانات الثدي تعتمد على الهرمونات
سرطان الثدي الهرموني، وهو الأكثر شيوعًا، يشكل حوالي 70% من الحالات، وتغذّيه هرمونات مثل الإستروجين والبروجستيرون. العلاجات التقليدية تحاول "إغلاق الصنبور" الهرموني عبر مثبطات الأروماتاز. لكن هذه العلاجات تفقد فعاليتها بمرور الوقت، وتُطوّر الخلايا السرطانية مقاومة تدريجية.
طفرة ESR1 ومقاومة العلاج
خلال العلاج، تُطوّر حوالي 30%-40% من المصابات طفرة في الجين ESR1، تجعل الخلايا قادرة على مقاومة العلاج ومواصلة النمو، ما يدفع المرض إلى التقدّم من جديد.
الدور الإسرائيلي في البحث
تقول د.عيناف غال-يام، مديرة معهد سرطان الثدي في مستشفى شيبا – تل هشومير: "ما يميز الدراسة أنها أول من يُظهر بشكل قاطع أن تبديل العلاج بناءً على طفرة جينية – قبل ظهور الأعراض – يمنح أفضلية واضحة". وقد شاركت إسرائيل في البحث رغم اندلاع الحرب، وتمّ تجنيد مصابات من عدّة مراكز، ولا زالت بعضهن يتلقين العلاج بوضع مستقر.
تفاصيل الدراسة: نتائج مشجعة وتحسّن في نوعية الحياة
شارك في الدراسة 315 مريضة تلقين علاجًا هرمونيًا أوليًا. خضعت كل واحدة لفحص دم لاكتشاف الطفرة. في حال ظهورها، تم التحويل فورًا للعلاج بـCamizestrant، حتى دون أعراض. النتائج كانت كالتالي:
• خفّض الدواء خطر تدهور المرض أو الوفاة بنسبة 56%.
• متوسط مدة الاستقرار دون تدهور وصلت إلى 16 شهرًا مقابل 9.2 أشهر في المجموعة الأخرى.
• بعد عام، 60.7% من المتعالجين بـCamizestrant لم تسجّل لديهم أي تطورات مقارنة بـ33.4% فقط من المجموعة الأخرى.
• بعد سنتين، 30% منهنّ واصلن العلاج بنفس الدواء، مقابل 5% فقط في المجموعة الضابطة.
ملاحظات ختامية وتساؤلات مستقبلية
رغم النتائج المشجعة، ما زال غير واضح إن كانت هذه الاستراتيجية تُطيل أمد الحياة عمومًا، أم أن تلقي الدواء في مرحلة متقدمة قد يمنح نفس الفائدة. كما لم تتم المصادقة النهائية على الدواء بعد، ويُتوقع أن يُقدَّم خلال الأشهر القادمة إلى هيئة الـFDA، ومن ثم لسلطات الصحة في إسرائيل تمهيدًا لإدراجه في سلة الأدوية العامة.
واختتمت د.غال-يام: "هذه شهادة على صلابة النظام الصحي لدينا"، وتضيف: "بدأنا الدراسة في توقيت صعب جدًا، ومع ذلك تمكّنا من الاستمرار في البحث والعلاج. هذه إشارة واضحة لقدرتنا على مواصلة التقدّم حتى في ظل الأزمات".