انهيار النظام يفتح شهية السوريين للبحث عن كنوز الأسلاف

بعد سقوط نظام الأسد، انتشرت ظاهرة البحث عن الكنوز في سوريا مدفوعة بأساطير محلية وتدهور اقتصادي

راديو الناس|
2 عرض المعرض
ثلاثة رجال يستخدمون كواشف معادن ويحفرون الأرض بحثاً عن كنوز مدفونة - صورة توضيحية
ثلاثة رجال يستخدمون كواشف معادن ويحفرون الأرض بحثاً عن كنوز مدفونة - صورة توضيحية
ثلاثة رجال يستخدمون كواشف معادن ويحفرون الأرض بحثاً عن كنوز مدفونة - صورة توضيحية
(Chatgpt)
في شوارع دمشق، وريفها أيضًا، بدأ مشهد جديد يلفت الأنظار ليلاً: رجال يحملون كواشف معادن تومض، وآخرون يحفرون في الأراضي الزراعية الخاصة، مستندين إلى خرائط يقولون إنها تقود إلى كنوز مدفونة.
من الممنوع إلى الهوس الشعبي
منذ انهيار نظام بشار الأسد في كانون الأول، بات من الممكن للباحثين عن الكنوز ممارسة "هوايتهم" علناً. يقول أبو وائل (67 عاماً)، الذي يصف نفسه بـ"الصيّاد المحترف للكنوز"، إن الخروج بحثاً عن الذهب تحت ضوء القمر كان مستحيلاً خلال حكم النظام بسبب خطر الملاحقة الأمنية. اليوم، بات الأمر أشبه بحمى اجتاحت البلاد.
فتحت متاجر جديدة في العاصمة مخصصة حصراً لبيع كواشف المعادن، منها ما تصل أسعاره إلى 10 آلاف دولار. يزيّن واجهاتها علم سوريا وقطع ذهبية وصور رجال يلوّحون بكواشفهم المتطوّرة. ويقول أحد البائعين: "كان هناك من يحفر خلسة منذ عقود، لكن بعد سقوط النظام زاد الطلب لأن الناس باتوا قادرين على شراء هذه الأجهزة".
2 عرض المعرض
 جرة فخارية قديمة مليئة بقطع ذهبية لامعة - صورة توضيحية
 جرة فخارية قديمة مليئة بقطع ذهبية لامعة - صورة توضيحية
 جرة فخارية قديمة مليئة بقطع ذهبية لامعة - صورة توضيحية
(Chatgpt)
خرافات محلية ونزعة للبقاء
لطالما تبادلت الأجيال السورية قصصاً عن جرار مليئة بالذهب اكتشفها أحد الأقارب تحت الأرض. الباحث السوري في علم الآثار عمرو العظم يصف لموقع فورن بوليسي ذلك بأنه "جزء من ميثولوجيا المنطقة"، لكنه يحذّر من أن غالبية هذه القصص لا أساس لها.
ومع أن الحفر ما يزال "غير قانوني من الناحية التقنية"، بحسب مصدر في المكتب الإعلامي الحكومي، إلا أن السلطات "تغضّ النظر لأنها غير قادرة على مطاردة الجميع". وتحوّلت هذه الهواية إلى سوق نشطة تضم آلات من ألمانيا وأميركا والصين، ويشتريها البعض حتى لأطفالهم بـ"ألوان مبهجة كالوردي والأخضر"، بحسب أحد التجار.
خرافات، نصب، ونهب منظم
كثيرون يرون في الكنز حلاً لفقرهم المدقع، إذ يعيش 90% من السوريين تحت خط الفقر وفق تقديرات الأمم المتحدة. وهناك من يصدّق أن العثمانيين الهاربين من البريطانيين عام 1917 دفنوا صناديق ذهب قرب سكة حديد الحجاز. لكن العظم يشكّك، قائلاً: "إذا وُجد ذهب فعلاً، فغالب الظن أنه سُرق من المتاحف أو قصور رجال النظام".
منذ بداية الحرب، جرى تهريب مئات آلاف القطع الأثرية، منها تيجان ذهبية وقطع رومانية، عبر تركيا إلى بيوت أثرياء في الخارج. وبعض ما يُعرض اليوم للبيع على وسائل التواصل ليس سوى قطع مزيفة، وفق العظم، الذي يشير إلى "خيال مفرط" لدى الباحثين الجدد.
مخاطرة كبيرة مقابل أمل زائف
يروي أبو وائل أن بعض الرحلات تنتهي بمواجهات مع سكّان محليين يغضبون من الحفر في أراضيهم، وقد يهاجمون الباحثين للسطو على "الكنز". ويضيف أنه تلقّى مقاطع مصوّرة من باحثين آخرين تظهر "لفائف عبرية مكتوبة بالذهب"، في ما يبدو وكأنه محاولة لإقناع المشترين بقيمة القطع المعروضة.
ورغم سنواته الأربعين في هذا المجال، يعترف أبو وائل: "لم أجد ذهباً قط. اقتربت مرة، لكن عند عودتي، كانت الحفرة قد نُبشت ليلاً". وينهي قائلاً: "عندنا مثل: اللي بيلاقي الذهب، بيضيع عقله".