انتقادات حادة تطال مسلسل "معاوية" بسبب مغالطات تاريخية وسطحية درامية

الانتقادات لم تقتصر على ضعف البناء الدرامي، بل طالت أيضاً مغالطات تاريخية عديدة

راديو الناس|
1 عرض المعرض
مسلسل معاوية
مسلسل معاوية
مسلسل معاوية
(تُستخدم هذه الصورة بموجب البند 27 أ من قانون الحقوق الأدبية (2007))
أثار مسلسل "معاوية"، الذي يُعرض خلال شهر رمضان، جدلاً واسعاً وانتقادات حادة بسبب ما وُصف بأنه "فخاخ الأسطرة ومغالطات تاريخية"، فضلاً عن معالجة درامية تفتقر للعمق المطلوب في تناول أحداث "الفتنة الكبرى".
رؤية درامية تفتقر للعمق
انتقد الباحث والأستاذ الجامعي التونسي المقيم في باريس نجم الدين خلف الله، معالجة المسلسل لأحداث "الفتنة الكبرى"، واعتبر أن العمل قدّم صورة مبسطة لأحداث معقدة ومفصلية في التاريخ الإسلامي. وأكد أن المسلسل لم يوفّق في إعادة بناء هذه الحقبة بأدوات معرفية دقيقة، واكتفى بتقديم مشاهد درامية استعراضية طغى عليها منطق الفُرجة من حيث الديكورات والملابس والتسريحات، دون أن يعمق من تناول الأحداث وسياقاتها.
وأضاف أن "الفتنة الكبرى"، بما تمثله من انقسام تاريخي وثقافي، قد قُدمت في المسلسل على هيئة مشاهد ترفد الثقافة العامة، لكنها لم تنجح في ترسيخ فكرة متماسكة أو تقديم مقولة تاريخية واضحة.
مقارنة مع أعمال تاريخية سابقة
وأشار خلف الله إلى أن الأدب العربي تناول هذه الحقبة بحساسية معرفية وتحليلية عالية، مستشهداً بأعمال مثل "عثمان" و"علي وبنوه" لطه حسين، وروايات جرجي زيدان مثل "عذراء قريش" و"غادة كربلاء"، إضافة إلى كتابات محمود عباس العقاد، وكتاب "الفتنة" للمؤرخ التونسي هشام جعيّط. هذه الأعمال، بحسب رأيه، قدمت قراءات عميقة للأحداث، وابتعدت عن السطحية أو اختزال الأحداث التاريخية المعقدة.
ولفت إلى أن المسلسل تجاهل التراكم المعرفي الموجود في هذه الأعمال، وهو ما أفضى إلى تقديم معالجة تاريخية "خاوية على عروشها".
مغالطات تاريخية وتبسيط مخل
وأكد خلف الله أن الانتقادات لم تقتصر على ضعف البناء الدرامي، بل طالت أيضاً مغالطات تاريخية عديدة. فقد أشار إلى أن المسلسل وقع في أخطاء تاريخية تتعلق بتوقيت بعض الأحداث واستخدام عناصر ثقافية لم تكن موجودة في ذلك العصر، مثل سجلات الكلام المستقاة من مراحل متأخرة في العصر العباسي، وهو ما أفضى إلى خلق صورة تاريخية مشوهة.
كما حذر من خطورة تقديم التاريخ بهذه الصورة المبسطة، لافتاً إلى أن الدراما التلفزيونية تصل إلى شريحة واسعة من الجمهور وقد تترسخ لدى المشاهدين كحقائق تاريخية، رغم أنها لا تعكس سوى رؤية سطحية ومضللة للأحداث.
دراما تاريخية تفتقر إلى الجذور
وفي ختام انتقاداته، دعا خلف الله إلى إعادة النظر في طريقة تناول الأحداث التاريخية في الدراما العربية، مع ضرورة الاستفادة من الأعمال البحثية والأدبية الغنية التي تناولت هذه الفترات المهمة. وشدد على أن استسهال معالجة الأحداث التاريخية قد يؤدي إلى تزييف الوعي العام، خاصة حين تُقدم هذه الأعمال على أنها روايات دقيقة للتاريخ.