د. ياسر ريناوي: بين الطب والأدب، ومسيرة لا تنتهي

د. ياسر ريناوي، طبيب أطفال من الرينة، يروي تفاصيل مسيرته المهنية والثقافية الممتدة، متحدثًا عن تأثره بوالده الشاعر الشعبي، عن النكبة واللجوء، ودراسته في صوفيا، وعلاقاته مع رموز الأدب الفلسطيني

في لقاء إذاعي مطوّل عبر راديو الناس، استُضيف طبيب الأطفال المخضرم د. ياسر ريناوي من بلدة الرينة، للحديث عن مسيرته المهنية والثقافية الممتدة منذ أكثر من خمسين عامًا، حيث لا يزال يعمل في عيادته بالناصرة رغم تجاوزه سن التقاعد.
وأوضح د. ريناوي في حديث مع راديو الناس أن التقاعد بالنسبة له "بداية الحياة لا نهايتها"، مشيرًا إلى أن عمله اليوم يتم وفق راحته الخاصة دون التزامات المؤسسات. وقال إنه يمارس الطب منذ أكثر من خمسين عامًا، وأن أحد أبنائه اقتدى به وتفوّق عليه في مجال طب الأطفال، حيث يشغل اليوم منصب مدير قسم الجهاز الهضمي للأطفال في مستشفى العفولة، ويُعتبر من أبرز الأطباء في مجاله.
الطب مهنة عائلية... والشعر الشعبي جزء من الإرث
نشأ د. ياسر ريناوي في بيت انحدر فيه معظم أفراد العائلة نحو مهن الطب والتمريض، متأثرًا بوالده الراحل، الشاعر الشعبي المعروف توفيق ريناوي، المعروف بلقبه "أبو الأمين". وتحدث عن طبيعة عمل والده، الذي كان يحيي السهرات والأعراس في القرى والمدن الفلسطينية قبل النكبة، وكيف حفظت الذاكرة الشعبية صوته وحداءه وزجله لسنوات طويلة. كما استذكر الطفولة في الرينة والنكبة التي عاشها في سنّ السادسة، ورحلة اللجوء المؤقتة إلى بنت جبيل، ثم العودة مشيًا على الأقدام.
د. ياسر ريناويد. ياسر ريناويراديو الناس
من الأدب واللغة إلى اللقاء مع محمود درويش
استعرض د. ريناوي علاقته العميقة باللغة العربية، وأثر أساتذته عليه خلال المرحلة الثانوية، وعلى رأسهم الأديب حبيب حزان. كما كشف عن تجربته في التعليم قبل دراسة الطب، حيث عمل معلّمًا للغة العربية والعبرية في مدرسة مار يوحنا في حيفا. وكان في تلك المرحلة على تواصل دائم مع رموز الثقافة الوطنية الفلسطينية، مثل محمود درويش، إميل حبيبي، سالم جبران، وسميح القاسم، مؤكدًا أن لقاءاته معهم كانت شبه يومية، وخاصة في مقهى الاتحاد.
سوفيا والرحلة الأكاديمية… وعشق للسفر
بعد محطات تعليمية ومهنية متنوعة، قرر د. ريناوي استكمال دراسته الطبية في بلغاريا، حيث قضى سبع سنوات وصفها بأنها من أجمل مراحل حياته. في تلك الفترة، نظّم ندوة شعرية في مهرجان الشباب العالمي في صوفيا عام 1968، التقى خلالها مجددًا بالشاعر محمود درويش، وساهم في تقديم أدب الداخل الفلسطيني للمشاركين العرب والدوليين.
الصحفي وديع عواودةالصحفي وديع عواودةراديو الناس
طبيب أطفال بنكهة إنسانية... وفخر الأب
عاد د. ريناوي إلى البلاد عام 1974، وبدأ ممارسة طب الأطفال في مستشفيي رمبام والعفولة، حيث عرف بإنسانيته ومهنيته، وكان محبوبًا من قبل الطواقم التمريضية. وعبّر عن فخره بتخصص ابنه في المجال ذاته، معتبرًا أن الطب مهنة تتطلب حدسًا خاصًا للتعامل مع الأطفال الذين لا يستطيعون التعبير عن آلامهم.
والده... أيقونة الزجل والحداء الفلسطيني
في ختام اللقاء، استُعرضت مقاطع صوتية نادرة من سهرات و"زفّات" أحياها والده "أبو الأمين"، الذي كان فارس القصيدة وفارس الخيل معًا. كما استُذكرت حادثة محورية عام 1977 حين تم التحقيق معه بتهمة التحريض بعد صهرة وطنية، وانتهت القضية باعتذار رسمي من صحيفة "يديعوت أحرونوت" بعد دعوى قضائية قُدمت ضدها بتهمة التشهير.