في مثل هذا اليوم، قبل ثلاثين عامًا، دوّى صوت الرصاص في أحد ميادين مدينة تل أبيب، ليُسدل الستار على فصلٍ حاسم من تاريخ المنطقة.
كان ذلك يوم الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1995، حين أُطلق النار على رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين، بعد أن أنهى خطابه في تظاهرة مؤيدة للسلام.
القاتل: ييغآل عمير – شاب يهودي يميني متطرف عارض اتفاق أوسلو، واعتبر رابين خائنًا “سلّم أرض إسرائيل للأعداء".
كنت هناك | ثلاثون عامًا على اغتيال إسحاق رابين: بين أوسلو والانقسام
كنت هناك مع شيرين يونس
23:30
بين الحرب والسلام
رابين، الجنرال السابق في الجيش الإسرائيلي، كان يعرف ثمن الحرب أكثر من أي أحدٍ آخر.
قاد الجيش الإسرائيلي كرئيس لهيئة الأركان في حرب حزيران عام 1967، وكان من أبرز من رسموا ملامح المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
لكن بعد عقود من القتال، أدرك أن القوة وحدها لا تصنع أمنًا دائمًا، فاختار طريقًا آخر – طريق المفاوضات.
في عام 1993، وُقّع اتفاق أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، في حديقة البيت الأبيض، برعاية الرئيس الأميركي بيل كلينتون.
كانت تلك اللحظة ذروة التحول: مصافحة رابين وياسر عرفات أمام عدسات العالم. مشهدٌ صار رمزًا للأمل عند البعض وللخيانة عند آخرين داخل إسرائيل وخارجها.
السلام الذي لم يكتمل
منذ توقيع الاتفاق، واجه رابين عاصفة سياسية واجتماعية داخلية. اليمين الإسرائيلي خرج إلى الشوارع، اتهمه بالتفريط بأرض الضفة الغربية، وما تسميه الجمعيات المتطرفة"يهودا والسامرة"، بينما حذّر المتطرفون من أن “السلام مع الفلسطينيين هو سلام مع الإرهاب”.
ومع تصاعد الاحتجاجات، بدأت لغة الكراهية تشق طريقها إلى قلب المجتمع الإسرائيلي. في تلك الفترة، كان رابين يقول لمقربيه:"أنا أقاتل من أجل سلام لا يُقتل فيه أبناؤنا ولا أبناءهم"،لكن هذه الجملة لم تحمِه من القتل بالرصاص.
الاغتيال الذي غيّر إسرائيل والشرق الأوسط
في يوم الرابع من نوفمبر1995، أنهى رابين خطابه الأخير قائلاً:" العنف يهدد أسس الديمقراطية في إسرائيل. لن نسمح له بالانتصار"،بعد دقائق فقط، سقط مضرجًا بدمائه. اغتياله كان صدمة هزّت إسرائيل والمنطقة. انتهت مرحلة رابين، وبدأت مرحلة أخرى، تراجع عملية السلام، وصعود التيارات اليمينية التي ما زالت تحكم حتى اليوم.
جدل نتنياهو وإحياء الذكرى
في السنوات الأخيرة، ومنذ تولي بنيامين نتنياهو رئاسة الوزراء في إسرائيل يشهد النقاش السياسي جدلاً بشأن إحياء الذكرى ومشاركة نتنياهو في المراسم الرسمية وسط معارضة أنصار وعائلة رابين، بسبب غضبهم التاريخي على نتنياهو الذي قاد المعارضة في فترة اغتياله، وما زال من حينها يخضع للاتهام بأنه كان من بين أبرز من ساهموا في خطاب الكراهية والتحريض على رابين قبيل اغتياله.
First published: 09:05, 04.11.25