قال بروفيسور مصطفى كبها، رئيس دائرة تاريخ الشرق الأوسط في الجامعة المفتوحة ورئيس مجمع اللغة العربية، في حديث لراديو الناس، إن شخصية الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين لا تزال مثار جدل واسع، وتدور حولها العديد من الأساطير والروايات المتناقضة منذ إعدامه في سوريا عام 1965.
بروفيسور مصطفى كبها: شخصية إيلي كوهين ما زالت محاطة بالغموض والروايات المتناقضة
استوديو الخميس مع فراس خطيب
06:11
وإيلي كوهين، (1924 – 1965) وُلد في الإسكندرية لعائلة يهودية من أصول سورية، وعاش شبابه في مصر حيث انخرط في أنشطة مرتبطة بالوكالة اليهودية وحركة الهجرة إلى فلسطين. بعد انتقاله إلى إسرائيل عام 1957، جُنّد من قِبل الاستخبارات العسكرية، ثم نُقل إلى جهاز "الموساد" الذي أعدّه لمهمة سرية في سوريا.
وأوضح كبها أن كوهين، وهو يهودي من أصل مصري، جرى تدريبه للعمل مبعوثًا في الخارج، ثم أُرسل إلى سوريا بعد أن أقام فترة بين الجالية السورية في الأرجنتين، ليعود متقمصًا شخصية "كامل أمين ثابت". وأضاف: "حول هذه الشخصية نسجت الكثير من الأساطير، مثل قصة أشجار الكينا في الجولان أو ترشحه لمنصب رئاسة الحكومة في سوريا، وهي روايات لا أساس لها من الصحة".
ما نعرفه عن دور كوهين
من أبرز ما نُسب إلى كوهين أنه قدّم تقارير ساعدت إسرائيل لاحقًا في احتلال مرتفعات الجولان خلال حرب حزيران/يونيو 1967، حيث يُقال إنه أوصى بزرع أشجار الكينا قرب المواقع العسكرية السورية لتُستخدم كعلامات استهداف.
جرى اعتقاله في كانون الثاني/يناير 1965 بعد أن التقطت المخابرات السوفييتية إشارات بث لاسلكي غير مألوف من دمشق باتجاه تل أبيب، وسُلّمت المعلومات إلى الجانب السوري. وبعد محاكمة علنية، أُعدم كوهين شنقًا في 18 أيار/مايو 1965 بساحة المرجة في دمشق، ولم تُسلَّم جثته إلى إسرائيل حتى اليوم. منذ ذلك الحين، تحوّل كوهين إلى رمز في الوعي الإسرائيلي، إذ أُنتجت حوله كتب ومسلسلات وأفلام، فيما لا تزال قصته مثيرة للجدل بين الروايات المتضاربة والحقائق التاريخية غير المكتملة.
كبها: ملابسات اعتقاله مثار خلاف
وأشار كبها إلى أن ملابسات اعتقال كوهين واكتشاف أمره لا تزال محل خلاف، حيث تتباين الروايات بين تورط ضباط مصريين أو المخابرات الروسية أو حتى موظف في السفارة الهندية، مع شبه إجماع على أن الاستخبارات السورية لم تكن صاحبة الكشف المباشر. وأضاف: "الرواية الأكثر ترجيحًا أن الاتحاد السوفييتي اكتشف بثًا لاسلكيًا غير مألوف من دمشق نحو إسرائيل، ما أدى إلى كشفه".
وحول أسباب إعدام كوهين بدلًا من مبادلته بأسير سوري، أوضح كبها أن السلطات السورية تمسكت برواية "كامل أمين ثابت" بوصفه مواطنًا سوريًا متهمًا بالخيانة، بينما كان كوهين يؤكد لحظة محاكمته أنه "رسول وليس خائنًا".
نتنياهو: كوهين واجه محاكمته بـ"شجاعة"
عن ذلك تحديد، قال نتنياهو في حفل خاص لإحياء ذكرى مرور 60 عاما على اغتياله، إن "إيلي كوهين هو بطل قومي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بطل في حياته وبطل في موته"، مضيفًا أنه "أظهر إرادة صلبة وصمودًا في فترة اعتقاله وتحقيقه في سوريا، وواجه محاكمته الصورية بشجاعة معلنًا: لست خائنًا، أنا رسول".
من جانبه، قال رئيس الموساد دافيد برنياع إن إرث كوهين لا يزال حاضرًا في عمل الجهاز حتى اليوم، مضيفًا: "حتى في هذه اللحظات، يخاطر مقاتلو الموساد بحياتهم من أجل أمن إسرائيل. مهمتنا تقوم على السرية والقدرة على التغلغل في أماكن لا يتخيل أحد أننا نستطيع الوصول إليها، وهذا هو النهج الذي ورثناه عن إيلي".
كبها: قصة كوهين تم تضخيمها
البروفيسور كبها، بدوره نفى في حديثه لراديو الناس صحة بعض المزاعم التي راجت لاحقًا، ومنها أن الرئيس السوري الأسبق أمين الحافظ التقى بكوهين قبل اعتقاله، مشيرًا إلى أن الحافظ نفسه نفى ذلك صراحة في مقابلات صحفية.
وختم كبها حديثه بالقول إن "قصة كوهين جرى تضخيمها من الطرفين، من جهة لتصويره بطلاً خارقًا، ومن جهة أخرى لتقليل وقع الاختراق الأمني الذي تعرضت له النخبة السورية الحاكمة، فيما تبقى الحقيقة الكاملة غير محسومة حتى اليوم".