في أول رد على الرسالة اللاذعة التي بعثها إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الحكومة الإسرائيلية بانتهاج سياسات من شأنها تعميق عزلتها الدولية وتعزيز مشاعر معاداة السامية حول العالم.
وقال ماكرون في رسالته، التي امتدت لست صفحات إنّ: "احتلال غزة، التهجير القسري وتجويع الفلسطينيين، نزع الإنسانية وخطاب الكراهية إلى جانب ضم الضفة الغربية – لن تجلب النصر لإسرائيل، بل على العكس، ستجعل دولتكم أكثر عزلة، وستمنح ذريعة لمن يستخدمون هذه الممارسات لتبرير معاداة السامية."، وفقًا لما أوردته صحيفة "يديعوت أحرونوت".
وأضاف الرئيس الفرنسيّ: "الفلسطينيون لن يختفوا من الأرض التي تتجذر فيها جذورهم. لا أحد يمكنه أن يفهم كيف ستتمكن إسرائيل من تحقيق رغبتها في البقاء دولة ديمقراطية كبرى ووطنًا قوميًا لليهود عبر هذه السياسات."
دعوة إلى مسار بديل
وأكد ماكرون أن هذه الإجراءات تمثل "انتصارًا" للذين يرفضون الاعتراف بإسرائيل كصديقة وشريك موثوق، داعيًا نتنياهو إلى استغلال ما وصفه بـ"الفرصة التاريخية" لبناء سلام إقليمي. وقال: "أقترح أن نعمل معًا، ومع الشركاء الدوليين، من أجل سلام دائم لكم وللمنطقة بأسرها. وقف إطلاق النار في غزة في متناول اليد، وكذلك إطار لإنهاء الأزمة – ما البديل الذي ستقدمونه لحلفائكم ولشعبكم؟"
كما تطرق الرئيس الفرنسي إلى الصور "الوحشية" للأسير الإسرائيلي أفيفات دافيد، مشددًا أن حركة حماس "لن تكون قادرة على الاستمرار في الحكم"، وأنها تسعى لدفع إسرائيل لاتخاذ قرارات لا رجعة فيها تُبقي أيديولوجيتها حية وتجرّ إسرائيل إلى مستقبل من الحروب المستمرة.
رد على اتهامات نتنياهو
ماكرون استهل رسالته بالرد على اتهامات نتنياهو له بـ"إشعال معاداة السامية" في فرنسا، مؤكدًا أن حماية اليهود الفرنسيين كانت وستبقى أولوية قصوى لديه. وأشار إلى اعتماده التعريف الرسمي لمعاداة السامية وفق التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA)، وإلى الخطوات التي اتخذتها حكومته، ومنها نشر 15 ألف شرطي لحماية المؤسسات اليهودية منذ 7 أكتوبر.
وشدد على أن الاعتراف بخطر معاداة السامية لا يمكن أن يُعفي إسرائيل من مسؤوليتها عن السياسات التي تنتهجها في غزة والضفة الغربية. وأضاف: "بيننا خلافات عميقة، لكن باسم الصداقة والالتزام تجاه إسرائيل اخترت أن أبقي الحوار مفتوحًا وقريبًا، انطلاقًا من العلاقات الراسخة بين بلدينا."
خلفية الرسالة
وكان نتنياهو قد بعث إلى ماكرون الأسبوع الماضي رسالة اتهمه فيها بتأجيج معاداة السامية عبر مواقفه العلنية، لا سيما تصريحاته الداعية للاعتراف بدولة فلسطينية. وكتب نتنياهو: "دعواتكم تقوي حماس وتغذي الكراهية ضد اليهود في شوارع فرنسا، وتدفع إلى تهديد حياة اليهود الفرنسيين."
واعتبر نتنياهو أن معاداة السامية في فرنسا تحولت إلى "وباء" خلال ولاية ماكرون، قائلاً: "هذه ليست حوادث فردية بل ظاهرة متنامية، واعترافكم بالدولة الفلسطينية يشعل نار هذا العداء."