في خطوة أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية والاقتصادية، طرح وزير الخارجية، جدعون ساعر، مبادرة جديدة تهدف إلى إلغاء أوراق محددة من فئة 200 شيكل، يُعتقد أنها موجودة في قطاع غزة، وبادعاء أنها تستخدم في الأنشطة الاقتصادية لحماس.
وتحظى المبادرة بدعم بعض المسؤولين الحكوميين، لكنها تواجه معارضة قوية من بنك إسرائيل ومن خبراء اقتصاديين، الذين يحذرون من تداعيات سلبية واسعة النطاق على الاقتصاد والمجتمع الإسرائيلي.
خلفية المبادرة وأهدافها
وفقًا للتوقعات، فإن العديد من أوراق الـ200 شيكل المتداولة في قطاع غزة دخلت عبر شاحنات أمنية من نوع “برينكس” قادمة من بنوك إسرائيلية. وقد تم تسجيل الأرقام التسلسلية لهذه الأوراق النقدية بدقة، ما يمكن السلطات نظريًا من إلغاء العمل فيها.
وبحسب الادعاءات الإسرائيلية، تمتلك حركة حماس مخزونًا من الأموال قيمته بين 3 إلى 4 مليارات شيكل، معظمه من فئة 200 شيكل، وهم يطمحون بأن يوجهوا ضربة اقتصادية للحركة عبر إلغاء هذه الأوراق المالية، حيث يعتقد الداعمون لهذا المسعى أن ذلك قد يؤدي إلى إضعاف قدرة حماس على دفع الرواتب وتأمين الإمدادات الحيوية، وربما تضغط عليها في الملفات السياسية والعسكرية الجارية، كملف الأسرى.
تحديات عملية وتحفظات اقتصادية
رغم وضوح الهدف الأمني من الناحية النظرية، فإن التنفيذ العملي معقدة للغاية. يُحذر بنك إسرائيل من أن فرض حظر على أوراق نقدية معينة قد يؤدي إلى انهيار الثقة بالعملة الإسرائيلية، خصوصًا فئة الـ 200 شيكل، خاصة أن المواطنين العاديين والتجار سيجدون صعوبة بالغة في التحقق من كل ورقة نقدية عبر أرقامها التسلسلية. حتى المقترحات بإنشاء تطبيقات إلكترونية لفحص الأوراق تبدو غير عملية في الاستخدام اليومي، وفق تقديرات الخبراء.
وقد يتكرر ما حدث العام الماضي، عندما سعت الحكومة إلى إلغاء هذه الورقة ضمن جهودها في الحد من التهرب التضريبي ومواجهة الأنشطة الاقتصادية للسوق السوداء، حيث تفاعلت وقتها الأسواق بسرعة، إذ رفض العديد من التجار قبول فئة 200 شيكل، كما شهدت محلات الصرافة طلبًا متزايدًا على الدولار واليورو، في ظل مخاوف المواطنين من إلغاء أو صعوبة استخدام ورقة الـ200 شيكل في المستقبل.
علاوة على ذلك، فإن العمليات التهريب النشطة عبر الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة، تفتح المجال لتسرب هذه الأموال مجددًا إلى داخل إسرائيل. وهناك مخاوف عند الرافضين لهذه الخطوة من أن العديد من هذه الأوراق قد وصل أصلًا إلى المتاجر والأسواق، وإلى أيدي التجار والمستهلكين الإسرائيليين.
وقد حذر خبراء ماليون من أن التعامل بالعملة يتطلب ثقة متبادلة، وأي اهتزاز بهذه الثقة قد يتسبب بأضرار تتجاوز بكثير النطاق الجغرافي أو السياسي المستهدف.
فعالية الإجراء ورأي بنك إسرائيل
بعض الاقتصاديين يشككون في مدى جدوى الخطة من الأساس. فحتى لو تم إعلان إلغاء صلاحية بعض السلاسل النقدية، قد تستمر الأسواق في غزة بالتعامل بها بشكل طبيعي دون أن تأبه بالخطوات الإسرائيلية، ما يحافظ على قيمتها الاقتصادية.
حتى اللحظة، يؤكد بنك إسرائيل أن صلاحية اتخاذ قرار كهذا تعود إليه حصريًا، حفاظًا على استقلاليته وعلى مصداقية النظام المالي الإسرائيلي. وبينما يدفع بعض المسؤولين الحكوميين باتجاه تمرير قانون عبر الكنيست لإجبار البنك على تنفيذ الخطة إذا لزم الأمر، يحذر مراقبون من أن المساس باستقلالية البنك قد يؤدي إلى تراجع تصنيفات إسرائيل الائتمانية وفقدان ثقة المستثمرين الدوليين.
First published: 18:55, 28.04.25