في ذكرى رحيل وديع الصافي: "صوت الجبل" الذي لا يشيخ

في 11 تشرين الأول/ أكتوبر 2013، غاب الفنان الكبير وديع الصافي عن عمر ناهز 92 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا خالدًا وأثرًا لا يُمحى في وجدان الشعوب العربية

راديو الناس|
3 عرض المعرض
وديع الصافي
وديع الصافي
وديع الصافي
(وفق البند 27 أ من قانون الحقوق الأدبية (2007))
في مثل هذا اليوم من كل عام، يستعيد اللبنانيون والعرب حنينهم لصوتٍ صنع هوية وطنٍ بأكمله، صوتٍ حمل العتابا والموّال والميجانا إلى أقصى أصقاع العالم.
في 11 تشرين الأول/ أكتوبر 2013، غاب الفنان الكبير وديع الصافي عن عمر ناهز 92 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا خالدًا وأثرًا لا يُمحى في وجدان الشعوب العربية.
البدايات... من نيحا إلى قمة المجد
وُلد وديع بشارة يوسف جبرائيل فرانسيس في قرية نيحا الشوفية عام 1921، وسط عائلة متواضعة آمنت بالصوت كبركةٍ من الله.
منذ طفولته، كان يطرب أهل القرية بصوته الجبلي الدافئ، إلى أن فاز عام 1938 بمسابقة نظمتها الإذاعة اللبنانية، متفوقًا على أربعين متسابقًا، ليبدأ رحلته التي غيّرت وجه الأغنية اللبنانية إلى الأبد.
لقّبه مدير الإذاعة آنذاك بـ وديع الصافي، لصفاء صوته ودفء أدائه، وهو الاسم الذي أصبح علامة فنية في لبنان والعالم العربي.
3 عرض المعرض
وديع الصافي
وديع الصافي
وديع الصافي مدرسة فنية
(وفق البند 27 أ من قانون الحقوق الأدبية (2007))
مدرسة فنية وهوية وطنية
كان الصافي من أوائل من دمجوا بين الغناء الفولكلوري اللبناني والموسيقى العربية الكلاسيكية، فرفع الأغنية اللبنانية إلى مصاف العالمية، وكرّسها كهوية وطنية خالدة.
غنّى الميجانا والعتابا بروحٍ لا تُشبه أحدًا، وكرّس فنه لخدمة الأرض والإنسان.
وفي رصيده أكثر من خمسة آلاف أغنية، من بينها:“عندك بحرية يا ريس”، “عالبال يا عصفورة النهر”، “لبنان يا قطعة سما”، و”طلوا حبابنا”.
تعاون مع كبار الشعراء والملحنين، لكنه بقي يرى في التلحين لنفسه مساحته الأصدق للتعبير عن ذاته، فكان يقول دائمًا: “أنا أغنّي كي لا أنسى أني أحبّ وطني.”
الأوسمة والاعتراف العربي
حظي وديع الصافي خلال مسيرته بعشرات الأوسمة والتكريمات، من بينها: وسام الأرز اللبناني برتبة فارس، وسام الاستحقاق من جمهورية تونس، تكريمات من مصر وسوريا وفرنسا تقديرًا لعطائه الفني. كما وقف على أهم المسارح العربية والعالمية، من دار الأوبرا المصرية إلى قرطاج وقرية بيت الدين، ناشرًا الجمال والأصالة بصوته الجبلي الفريد.
3 عرض المعرض
وديع الصافي
وديع الصافي
وديع الصافي
(وفق البند 27 أ من قانون الحقوق الأدبية (2007))
الرحيل... وصوتٌ لا يغيب
في مساء الحادي عشر من تشرين الأول 2013، توقّف قلب لبنان الكبير في مستشفى بلفيو بعد وعكة صحية مفاجئة.
شيّع لبنان فنانَه في جنازة وطنية مهيبة شارك فيها رسميون وفنانون وجماهير غفيرة، ودفن في بلدته نيحا، بين جباله التي أحبّها وغنّى لها.
ومع كل ذكرى، تتجدد مشاعر الفقد، وتبقى كلماته ترنّ في الذاكرة: “بِدّي غنّي لو ناسي إنّي موجوع.”
إرث لا يموت
لم يكن وديع الصافي مجرد صوت جميل، بل ذاكرة وطنية وروحية، عبّرت عن لبنان بجراحه وفرحه، عن إنسان الجبل ببساطته وكرامته.
صوته لا يزال حيًا، يرافق الأفراح والمهرجانات والذكريات، كأنه وُلد ليبقى.
وفي كل عام، حين يُذكر اسمه، يتردّد صدى العبارة التي تختصر مسيرته: “وديع الصافي... صوتٌ بحجم الوطن.”