أثارت أزمة منع عرض الفيلم الفلسطيني "لُد" في مدينة سخنين نقاشًا واسعًا حول حرية التعبير الثقافي وأدوار البلديات العربية في إسرائيل، في ظل ضغوط سياسية من نشطاء اليمين وتهديدات أمنية، وسط مخاوف من تراجع الحيز الثقافي العربي.
في مقابلة لراديو الناس مع لبنى زعبي، مديرة قسم الثقافة العربية سابقًا في وزارة الثقافة ومديرة شركة "جيلان"، عبّرت عن قلقها من المشهد الحالي، مشيرة إلى أن الأزمة ليست فقط ضغطًا سياسيًا مباشرًا، بل تمزج بين غياب الحماية المؤسسية والثقل السياسي على القيادات العربية.
لبنى زعبي: الأزمة ليست فقط ضغطًا سياسيًا مباشرًا، بل تمزج بين غياب الحماية المؤسسية والثقل السياسي على القيادات العربية
المنتصف مع محمد أبو العز محاميد
05:51
وقالت زعبي: "الأمور معقدة، لكن لا شك أننا كقيادات وناشطين نعمل تحت ضغط سياسي دائم، سواء من جهات يمينية متطرفة أو مؤسسات رسمية. لكن لا يجوز أن نخضع لهذا الضغط. رؤساء البلديات يجب أن يتخذوا قراراتهم بحكمة وبعيدًا عن التسرع، مع احترام القانون والحفاظ على حرية الثقافة".
وعن ادعاءات الأمن التي قُدمت كسبب لمنع عرض الفيلم، أوضحت: "هذه الادعاءات تأتي غالبًا من جهات يمينية متطرفة، وليس منّا نحن. نحن قدمنا الفيلم في عدة مدن عربية، مثل الناصرة وحيفا وشفاعمرو، ولم تحدث مشاكل أمنية كما زُعم. لذلك، رفضنا الخضوع لمثل هذه الادعاءات".
وأكدت زعبي أن على القيادات السياسية أن تكون في الخطوط الأمامية للدفاع عن الحقوق الثقافية، لا أن تتراجع عنها، مضيفة "لقد تحملنا خسائر مالية وشخصية لأجل مواقفنا. نتوقع من قيادتنا السياسية أن تتحمل المسؤولية نفسها، لا أقل ولا أكثر".
وعن احتمالية تحول البلديات إلى أدوات رقابة بسبب الضغوط الأمنية والسياسية، قالت: "هناك ضغوط حقيقية، من تهديدات الشرطة إلى ضغط الميزانيات، لكن من المهم أن نلتزم بالقانون ونميز بين الخوف والقرار القانوني السليم. نحن لا نطلب أكثر من العمل ضمن القانون، وإذا لم يكن هناك مبرر قانوني لمنع العرض، فلا يجب الخضوع للضغوط".
كما أعربت عن أملها في أن لا تكون هذه الحادثة بداية لتقلص الهامش الثقافي العربي في البلاد، وقالت: "تخنين هي واحدة من أكبر بلداتنا العربية وتمتلك إرثًا ثقافيًا غنيًا، خصوصًا في المسرح والموسيقى. من الضروري أن تتحمل المسؤولية وتعمل على الحفاظ على هذا الإرث".
حلاج: التمسنا للمركزية ونطالب بقرار عاجل يسمح بالعرض
حلاج: التمسنا للمركزية ونطالب بقرار عاجل يسمح بالعرض
المنتصف مع محمد أبو العز محاميد
06:21
في المقابل، تحدثنا مع المحامي نبيل حلاج، الذي يمثل الجهة الطالبة لعرض الفيلم، حيث أشار إلى التطورات القانونية: "بعد قرار الشرطة بمنع عرض الفيلم، قدمنا التماسًا للمحكمة المركزية في حيفا لمنع إغلاق المسرح البلدي في سخنين، وطلبنا إصدار قرار عاجل يسمح بالعرض".
وأوضح أن الشرطة لم تصدر قرارًا رسميًا بمنع العرض، وإنما جاء الضغط من جهات يمينية معروفة بتحريضها على الفعاليات الثقافية العربية، مضيفا "شخصيات يمينية متطرفة، مثل شاي غليك، قدمت طلبات لوزارة الشرطة لمنع عرض الفيلم، ووجهت تهديدات مباشرة لمدير المركز التربوي في سخنين".
وعن صلاحيات البلدية في منع عرض الفيلم، قال حلاج: "لا تملك أي بلدية أو مسؤول صلاحية قانونية لمنع عرض فيلم مرخص بناءً على اعتبارات سياسية أو ضغوطات. هناك سابقة قضائية واضحة من عام 2019، عندما منعت بلدية أم الفحم عرض فيلم، فصدر قرار قضائي أكد حرية العرض ورفض منعها".
وأضاف: "لا يوجد أي أساس قانوني لمنع عرض الفيلم، وأي إجراءات من هذا النوع تُعد خرقًا لحرية التعبير". وأكد أن المحكمة طلبت من بلدية سخنين تقديم ردها على الالتماس حتى الساعة الثالثة، وأنه من المتوقع عقد جلسة في الرابعة للنظر في الأمر.


