تكثّف الولايات المتحدة ضغوطها على دول أوروبية للمشاركة بإرسال جنود إلى قوة التثبيت الأمني الدولية المزمع نشرها في مناطق داخل قطاع غزة، وذلك في إطار المرحلة الثانية من خطة “النقاط العشرين” التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في ظل صعوبات تواجهها واشنطن في تجنيد قوات من دول عربية وإسلامية.
ونقل عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إن الخطة، خلافًا للتوجهات الأولية، لن تقتصر على مشاركة قوات من دول عربية أو إسلامية فقط، مشيرًا إلى أن دولة أوروبية واحدة على الأقل أبدت استعدادها لإرسال قوات إلى غزة. إلا أن مصادر في واشنطن أوضحت أن الإدارة الأميركية تسعى إلى توسيع المشاركة الأوروبية وعدم الاكتفاء بهذا الالتزام المحدود.
وبحسب المصادر، فقد عرضت دول أوروبية أخرى تقديم دعم في مجالات التدريب، والتأهيل، والتمويل، إلا أن هناك تحفظًا واسعًا إزاء إرسال قوات ميدانية، خشية انخراطها في مواجهات مباشرة مع حركة حماس. ووفق الخطة المطروحة، من المقرر أن يبدأ انتشار القوة في مرحلة أولى داخل أحد أحياء مدينة رفح، انطلاقًا من تقدير أميركي بأن عدد عناصر حماس المتبقين في تلك المناطق محدود، ما يقلّل من احتمالات الاحتكاك المباشر. كما يُنظر في نشر القوة في مناطق يُعتقد أن السكان فيها لا يخضعون لسيطرة حماس.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن مسؤولين أميركيين أعربوا عن أملهم في تجنيد نحو 5,000 جندي في المرحلة الأولى مطلع العام المقبل، على أن يرتفع العدد إلى 10,000 جندي بحلول نهاية عام 2026. وفي هذا السياق، طلبت وزارة الخارجية الأميركية هذا الأسبوع من أكثر من 70 دولة المساهمة بقدرات عسكرية أو دعم مالي للقوة الدولية، فيما أشار مسؤول أميركي إلى أن 19 دولة أبدت اهتمامًا بالمشاركة عبر إرسال قوات أو تقديم دعم بطرق أخرى.
وتسعى الولايات المتحدة إلى بدء نشر القوة الدولية في قطاع غزة مع مطلع الشهر المقبل، على أن يكون الانتشار الأولي في مناطق خاضعة للسيطرة الإسرائيلية. ورغم الطابع الطموح للخطة، تؤكد مصادر أميركية أن مهمة القوة لن تشمل القتال ضد حماس، إلا أن ذلك لم يبدد تردد العديد من الدول في إرسال قوات إلى القطاع.
وفي السياق ذاته، أعلن مسؤولان أميركيان لوكالة رويترز أن القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) ستستضيف يوم الثلاثاء المقبل في الدوحة مؤتمرًا بمشاركة دول شريكة، لبحث الجوانب التخطيطية لقوة التثبيت الدولية. ومن المتوقع أن يشارك في المؤتمر ممثلون عن أكثر من 25 دولة، مع التركيز على الهيكلية القيادية وآليات عمل القوة.
وأوضح المسؤولان، اللذان تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما، أن القوة الدولية لن تخوض عمليات قتالية، مؤكدين أنه رغم التردد الحالي في الانخراط بالمبادرة، فإن دولًا عدة أبدت استعدادها للمساهمة. وأشارا إلى أن الولايات المتحدة تعمل حاليًا على تحديد حجم القوة، وتشكيلتها، وأماكن تمركزها، وبرامج تدريبها، رغم أن من المقرر أن تبدأ نشاطها خلال نحو أسبوعين ونصف.
ومن المقرر أن يقود القوة جنرال أميركي لم يُعلن عن اسمه بعد. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن “هناك قدرًا كبيرًا من التخطيط الهادئ خلف الكواليس استعدادًا للمرحلة الثانية من اتفاق السلام”، مضيفة: “نريد ضمان سلام دائم ومستقر”.
من جانبه، أقرّ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في تصريحات أدلى بها مطلع الأسبوع، بأن القوة الدولية لن تكون قادرة على تنفيذ المهمة الأساسية في غزة. وقال خلال مؤتمر للسفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية: “أصدقاؤنا في الولايات المتحدة يرغبون بإقامة قوة دولية لتنفيذ المهمة. قلت لهم: تفضلوا، إن وُجد متطوعون. نعلم أن هناك مهام يمكن للقوة القيام بها، لكن ليس كل شيء، وربما حتى المهمة الأساسية لا يمكنها تنفيذها”.
وأضاف نتنياهو أنه سيناقش الانتقال إلى المرحلة التالية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال لقائهما المرتقب نهاية الشهر، مشيرًا إلى أن “الفرصة الكبرى التي تقف أمامنا تتمثل في اتفاقيات تطبيع وسلام”، ومؤكدًا أن “التجربة أثبتت أن انتظار توافقات شاملة، كما قيل سابقًا بشأن اتفاقيات أبراهام، كان سيمنع تحقيقها”.



