غزة
رغم قسوة الحرب وما خلّفته من دمار ومعاناة في قطاع غزة، تبرز مبادرات فردية تُعيد الأمل وتمنح الأطفال فسحة من الفرح. من بين هذه المبادرات ما تقوم به الشابة شهد فاروق حمدونة (20 عامًا) من بيت لاهيا، التي تعمل على تدريب المئات من الأطفال النازحين ضمن نشاطات السيرك، محاولةً تخفيف آلامهم وإخراجهم من أجواء الخوف والصدمة.
أول مدربة سيرك في غزة: شهد حمدونة تحوّل الألم إلى فسحة أمل للأطفال النازحين
استوديو المساء مع شيرين يونس
06:24
من الحرب إلى الحلم
تقول شهد في حديث خاص لـ"راديو الناس": "كنت أتدرّب على فنون السيرك قبل الحرب، لكن ما حدث للأطفال دفعني لتحويل السيرك إلى وسيلة علاجية وترفيهية. بعد أن رأيت الخوف والظلم بأم عيني، قررت أن أساعدهم على التنفيس عن أنفسهم ورسم البسمة على وجوههم".
نشاطات متعددة للأطفال والمرضى
المبادرة تشمل أربعة برامج تدريبية موزّعة بين شمال القطاع وجنوبه، حيث يتوزع الفريق ضمن إطار مدرسة "قَزَّا للسيرك". النشاطات تعتمد على أدوات بسيطة مثل الكرات، الحلقات، الديابولو، والهولا هوب، إضافةً إلى العروض البهلوانية والهرم البشري.
كما يشمل البرنامج ما يُعرف بـ"دكتور المهرج"، الذي يزور المستشفيات ويحاول عبر التهريج والموسيقى والأدوات الطبية بطريقة مرحة أن يخفف من خوف الأطفال المرضى. ولم يقتصر الأمر على الصغار، إذ نفذت المجموعة نشاطات خاصة لكبار السن، الذين تفاعلوا بشكل كبير مع العروض.
التحديات في زمن النزوح
تواجه شهد تحديات كبيرة؛ فهي نفسها نازحة من الشمال إلى الجنوب، واضطرت أكثر من مرة لتغيير مواقع التدريب بسبب النزوح المستمر. في البداية كانت التدريبات تُجرى بين الخيام، ثم انتقلت إلى مقرات إيواء أكبر نسبيًا لتأمين الأطفال وتقليل المخاطر.
وتوضح: "الأطفال في البداية يكونون صامتين ومنطوين، لكن مع التفاعل والحركات يبدأون بالاندماج. في نهاية اليوم أراهم يضحكون ويتفاعلون وكأنهم اكتشفوا عالمًا جديدًا".
أول مدربة سيرك في غزة
تشير شهد بفخر إلى أنها الفتاة الوحيدة في قطاع غزة التي تعمل كمدربة سيرك، بينما جميع زملائها من الشباب. وتقول: "هذا الأمر في حد ذاته يُثير دهشة الأطفال ويدفعهم للتفاعل أكثر، كما أنني أحاول دمج أنشطة نفسية وتوعوية إلى جانب العروض".
رسالة أمل من تحت الركام
رغم الصعوبات والمخاطر المستمرة، تؤكد شهد أن هدفها الأسمى هو أن تُوفّر للأطفال فرصة للخروج من دائرة الخوف ولو لساعات قليلة: "الحرب سرقت طفولتهم، لكننا نستطيع أن نمنحهم لحظات من الفرح تساعدهم على مواجهة الواقع".
مبادرة شهد حمدونة ليست مجرد عروض سيرك، بل هي رسالة إنسانية تعكس إصرار الشباب الفلسطيني على مواجهة الألم بالأمل، وإثبات أن الابتسامة قد تكون أداة مقاومة في وجه الحرب.
First published: 10:04, 26.08.25