حذّر عضو الكنيست عن حزب الديموقراطيين، غلعاد كاريف، من خطورة مشروع القانون الذي أقرّته لجنة الدستور في الكنيست، والذي يتيح للشرطة فتح تحقيقات في شبهات "التحريض على الإرهاب" دون الحاجة إلى موافقة النيابة العامة.
كاريف: قانون التحريض الجديد يهدد حرية التعبير ويستهدف المواطنين العرب
هذا المساء مع شيرين يونس
07:44
وقال كاريف في حديثه لراديو الناس: "نحن جميعاً نتفق على ضرورة محاربة التحريض على الإرهاب، ولكن هذا القانون يتجاوز ذلك، ويمسّ بشكل مباشر بحرية التعبير، وهي قيمة أساسية في أي ديموقراطية". وأضاف: "حتى اليوم، كان فتح أي تحقيق في قضايا التحريض يحتاج إلى موافقة مزدوجة من الشرطة والنيابة العامة، وذلك لأننا نتعامل مع أقوال وآراء، لا مع أفعال جنائية. هذه الآلية كانت تضمن التوازن بين الأمن وحرية التعبير، لكن الحكومة تريد الآن إلغاء هذا التوازن".
وأوضح كاريف أن التعديل الجديد "يسمح لكل ضابط شرطة أو قائد مركز أن يقرر بنفسه أن منشوراً على فيسبوك بالعربية يشكّل تحريضاً على الإرهاب"، مشيراً إلى أن "ذلك سيفتح الباب أمام موجة من الاعتقالات، خصوصاً ضد المواطنين العرب". وقال: "بحسب إحصاءات الشرطة نفسها، فإن 96% من التحقيقات المتعلقة بالتحريض منذ بداية الحرب كانت ضد مواطنين عرب، وهذا بعد موافقة النيابة. تخيّلوا ما سيحدث عندما تُلغى هذه الموافقة".
وأشار كاريف إلى أن مثل هذا القانون "سيحوّل كل منشور أو صورة فيها تعاطف مع معاناة المدنيين في غزة أو رفع علم فلسطين إلى ذريعة للتحقيق والاعتقال"، محذراً من أن "مجرد نشر صورة كهذه يمكن أن يدمّر حياة إنسان، خصوصاً إذا كان يعمل في مؤسسة حكومية أو تربوية".
واتهم كاريف وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بالوقوف وراء القانون، قائلاً: "هذا القانون خطوة بوضوح من بن غفير، والحكومة كعادتها تخضع له. ما نراه هو خضوع متواصل من الائتلاف لليمين المتطرف".
وتابع كاريف قائلاً: "إذا أُقرّ القانون في الكنيست بالقراءات المقبلة، فسنكون أمام واقع خطير جداً. أتعهد أننا سنبذل كل جهد لإلغائه في هذه الكنيست أو التي تليها، وسنتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية للدفاع عن حرية التعبير لجميع المواطنين، يهوداً وعرباً".
وأضاف النائب عن حزب الديموقراطيين أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو "يسعى لإرضاء بن غفير وسموتريتش والتيار الكهاني المتطرف من أجل الحفاظ على تماسك الائتلاف"، مؤكداً أن "نتنياهو منشغل بشراء دعم هؤلاء من خلال قوانين مثل قانون الإعدام وقانون التحريض الجديد".
وفي ختام حديثه، دعا كاريف إلى "توحيد صفوف المعارضة العربية واليهودية" في مواجهة ما وصفه بـ"الانزلاق الخطير نحو تكميم الأفواه"، قائلاً: "لا يجوز لنا أن نيأس من النضال، فهذه معركة من أجل مستقبل الديمقراطية في إسرائيل".
حسن جبارين: قانون التحريض الجديد يفتح الباب أمام دكتاتورية
وفي حديثه لراديو الناس، حذّر مدير عام مركز "عدالة" الحقوقي، الدكتور حسن جبارين، من أن مشروع قانون "التحريض على الإرهاب" الجديد، المطروح حالياً في الكنيست، يشكّل تراجعاً خطيراً في مجال حرية التعبير، ويمنح الشرطة صلاحيات واسعة من دون رقابة قانونية كافية.
حسن جبارين: قانون التحريض الجديد يفتح الباب أمام دكتاتورية
هذا المساء مع شيرين يونس
09:21
وقال جبارين إنّ القانون الجديد "يخفّف من متطلبات الإثبات، بحيث لم يعد على الشرطة أن تقدّم أدلة جدّية على أن المنشور أو الخطاب حرّض فعلاً على العنف أو الإرهاب"، موضحاً أنّ "القانون الحالي يطلب من الشرطة أن تحضر مواد قانونية وتحليلية لإثبات وجود تحريض جدّي، لكن التعديل المقترح يُسقِط هذا الشرط تماماً".
وأضاف: "بحسب القانون المقترح، يكفي أن يكون هناك احتمال عادي—ليس جدي—لأن تؤدي مادة منشورة إلى عمل عدائي حتى تُفتح ضد كاتبها تحقيقات، ودون الحاجة إلى إذن مسبق من النيابة العامة".
وأوضح مدير "عدالة" أن هذا التغيير "يُلغي مبدأ المساواة في تطبيق القانون"، لأن الموافقة المسبقة من النائب العام كانت تضمن توحيد المعايير في كل البلاد، بحيث "لا يُعتبر منشور واحد تحريضاً في الناصرة، بينما لا يُعتبر كذلك في حيفا". وتابع: "حرية التعبير ليست شأناً محلياً، ولا يمكن أن تُترك لتقدير ضابط شرطة في الميدان، بل يجب أن تكون مسألة وطنية يقررها النائب العام حصراً".
وأشار جبارين إلى أنّ "نسبة التحقيقات في قضايا التحريض التي فُتحت ضد مواطنين عرب منذ أكتوبر 2023 بلغت 96%، ما يعني أن القانون الجديد سيزيد من هذه الفجوة، وسيفتح الباب لملاحقات سياسية تحت غطاء قانوني".
وانتقد جبارين بشدة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، قائلاً: "علينا أن نعترف أن بن غفير يُحدث تغييرات جذرية في جهاز الشرطة، لكن هذه التغييرات خطيرة وتمسّ حقوق الإنسان. اليوم، حقوق السجناء تراجعت إلى مستوى غير مسبوق منذ عام 1948، حيث نشهد ظاهرة تجويع داخل السجون ومنع زيارات أعضاء الكنيست للأسرى الأمنيين".
وأضاف: "حتى المحكمة العليا بدأت بمناقشة هذه التجاوزات، لكنها تواجه هجوماً من اليمين، بينما نحاول نحن استغلال الثغرات القانونية للدفاع عن حقوق المعتقلين".
وبشأن قانون الإعدام الذي يُناقش بالتوازي في الكنيست، قال جبارين إنّ "مرور القانون مرهون بموقف المؤسسات الأمنية، خصوصاً الشاباك والمستشار القضائي للحكومة"، موضحاً: "إذا عارضت هذه الجهات القانون، فمن المرجّح أن يتعثر تمريره، رغم أن الكنيست الحالية لا تلتزم دائماً بمواقف الأجهزة المهنية".
واختتم جبرين حديثه بالقول: "نحن نعيش مرحلة تآكل خطيرة في التوازن بين الأمن وحرية التعبير. عندما يُمنح ضابط شرطة صلاحية تقرير ما هو مسموح قوله، نكون فعلياً على أبواب دكتاتورية فكرية".


