حذّر مدير عام مركز مساواة الحقوقي، جعفر فرح، من اتساع ظاهرة الاعتقالات التي تطال ناشطات وناشطين من المجتمع العربي على خلفية منشورات عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو المشاركة في المظاهرات، مؤكداً أنّ هذه الممارسات تعكس سياسة ممنهجة لتقييد حرية التعبير والعمل السياسي.
جعفر فرح: الشرطة تصعّد من اعتقال النساء بشكل مقصود بسبب النشاط السياسي
غرفة الأخبار مع عفاف شيني
08:57
يأتي ذلك فيما عادت إلى الواجهة في الأيام الأخيرة حملات الاعتقالات ضد المواطنين العرب، بتهم تتعلق بمنشورات على شبكات التواصل الاجتماعي اعتبرتها الشرطة تحريضية. وانتقدت منظمات حقوقية هذه الإجراءات، وتحديدًا الآن بعد انخفاضها لفترة وجيزة.
وقال فرح في مقابلة مع راديو الناس: "شهدنا في الفترة الأخيرة تصاعداً في وتيرة الاعتقالات، خصوصاً بعد نشر صور وأحداث مؤلمة من قطاع غزة، الأمر الذي دفع كثيرين إلى التعبير عن آرائهم عبر الكتابة أو المشاركة في النشاط السياسي. وهذا ما أزعج السلطات التي سارعت إلى ملاحقة المواطنين العرب بشكل أكبر".
هناك استهداف لافت للنساء الناشطات
جعفر فرح: الشرطة تصعّد من اعتقال النساء بشكل مقصود بسبب النشاط السياسيوفق البند 27 أ لقانون حقوق النشر 2007وأشار إلى أنّ هذه الحملات باتت تستهدف النساء بشكل لافت. وأسهب في هذا السياق: "منذ عام 2017 بدأنا نرى لأول مرة مشاركة مستعربين في جهاز الشرطة والمخابرات، واعتبروا أنّ الحلقة الأضعف في مجتمعنا هي النساء. لذلك رأينا سلسلة اعتقالات طالت ناشطات بارزات مثل ميساء عبد الهادي، ودلال أبو آمنة، وحنين زعبي، وغيرهن كثيرات. في المقابل، عند مظاهرات عام 2018 على خلفية الحرب على غزة، اعتُقل 21 شاباً ولم تُعتقل أي امرأة رغم وجود عدد كبير من المشاركات، ما يعكس تغيّراً في السياسة المتبعة مؤخراً"ره.
وتابع فرح موضحاً أن"هذه الاعتقالات لا تستهدف النساء فقط، بل هي محاولة لترهيب العائلات بأكملها. الرسالة التي تحاول السلطات إيصالها واضحة: إمّا أن تصمتوا وإمّا سنستهدفكم. الغالبية العظمى من هذه الاعتقالات غير قانونية، وكثير منها لم تحظَ بموافقة النيابة العامة، ما اضطر الشرطة إلى إطلاق سراح المعتقلين بعد التحقيق معهم"، مضيفاً أنّ هناك صراعاً داخلياً بين النيابة العامة والشرطة ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي "لو أُتيح له الأمر لنفّذ المزيد من الاعتقالات".
الاعتقالات هي "قرار سياسي"
وأكد جعفر فرح أنّ بعض الاعتقالات جاءت بقرار سياسي واضح بحيث أن"أحد نواب النائب العام قال صراحة إنّ اعتقال النساء العربيات ساهم في الإفراج عن أسيرات إسرائيليات من أيدي حماس في صفقات التبادل، وبالتالي أعطيت لهذه السياسة غطاء قانونياً لتنفيذها"، مشيراً إلى أنّ ملفات كثير من المعتقلات أُغلقت لاحقاً دون لوائح اتهام.
ودعا فرح إلى عدم الاكتفاء بالإجراءات الجنائية، بل التوجّه إلى المحاكم المدنية: "على كل من اعتُقل بشكل غير قانوني أن يقدّم شكوى مدنية، كما يفعل المستوطنون واليهود عند تعرضهم لمثل هذه الممارسات. هذا مهم جداً لخلق حالة ردع، ولتحميل الشرطي أو الضابط الذي نفذ أمراً غير قانوني المسؤولية الشخصية".
وأضاف: "نحن نسمع بشكل شبه يومي عن حالات إهانة وتفتيش غير قانونية يتعرض لها طلاب المدارس والشباب العرب في الشوارع أو في محطات الحافلات. هذه ليست حوادث فردية، بل سياسة استهداف واسعة، ومن واجب العائلات تسجيل أرقام سيارات الشرطة وهوية العناصر وتقديم شكاوى مدنية لوقف هذا الاستفراد"، على حد وصفه.
وحول الفجوة بين تعامل السلطات مع العرب واليهود، قال فرح إن "هناك تمييز صارخ. الشبكة مليئة بالتحريض العلني والتهديدات بالقتل من قبل يهود، ومع ذلك لا تُفتح ضدهم ملفات جدية، وفي المقابل، يُلاحق كل منشور لعربي وكأنه جريمة. نحن بحاجة إلى مؤسسات كاملة تتابع هذا التحريض الممنهج وتستعمله للدفاع عن شبابنا العرب في القضايا القانونية".
وختم مدير مركز مساواة حديثه مؤكداً أنّ المواجهة تتطلب جهداً جماعياً، قائلا: "نحن نعمل أحياناً 24 ساعة في متابعة هذه الملفات، ومعنا محامون متطوعون، لكن المسؤولية جماعية. كل فرد في مجتمعنا مدعو للتصدي للتحريض العنصري ولحماية حقه وحق أولاده في التعبير والمشاركة السياسية".


