إسرائيل تستهدف قيادات حماس في الدوحة
(وفق البند 27 أ من قانون الحقوق الأدبية (2007))
شهدت العاصمة القطرية الدوحة، مساء الثلاثاء، سلسلة انفجارات عنيفة ترافقت مع تصاعد أعمدة دخان في سماء حي كتارا، لتعلن إسرائيل عن تنفيذ عمليّة موجّهة استهدفت قيادات حماس. فيما أكّدت الحركة أنّ "العملية الاسرائيلية فشلت في اغتيال قيادات حماس".
وفي التفاصيل، قالت إسرائيل أن مقاتلات سلاح الجو نفذت غارات في الدوحة، أسفرت وفقًا للتقارير عن مقتل القيادي البارز في حركة حماس خليل الحية، الأمر الذي نفته حماس لاحقًا. ونقلت صحيفة جيروزاليم بوست عن مسؤولين إسرائيليين أن الانفجارات تمثل "عملية إسرائيلية موجهة ضد قيادة حماس"، فيما أكدت هيئة البث الإسرائيلية أن العملية استهدفت بشكل مباشر قادة الحركة. وأوضحت مصادر أنّ "الإدارة الأمريكية منحت الضوء الأخضر لتنفيذ العملية".
من جانبها، أكّدت رئاسة الوزراء الإسرائيلية أنّ:"العملية التي نُفذت اليوم ضد قادة حماس هي عملية إسرائيلية مستقلة تمامًا". وعلّق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على الهجوم الإسرائيلي في الدوحة، وجاء في بيان صادر عن مكتبه بالإنجليزية أنّ "العملية ضد كبار قادة الإرهاب في حماس كانت عملية إسرائيلية مستقلة بالكامل. إسرائيل هي التي بادرت بها، إسرائيل أدارتها، وإسرائيل تتحمّل كامل المسؤولية عنها".
"رد على عمليات القدس وغزة"
فيما ورد في بيان مشترك لنتنياهو ووزير الأمن يسرائيل كاتس عقب الهجوم في الدوحة: "أمس، في أعقاب العمليات الدموية في القدس وغزة، وجّه رئيس الوزراء نتنياهو كافة الأجهزة الأمنية للاستعداد لاحتمال استهداف قيادات حماس. وزير الدفاع دعم هذا الاقتراح بشكل كامل. اليوم ظهرًا، وفي ضوء فرصة عملياتية، وبعد التشاور مع جميع قادة الأجهزة الأمنية وبدعم كامل، قرر رئيس الوزراء ووزير الأمن تنفيذ التوجيه الذي صدر الليلة الماضية للجيش الإسرائيلي والشاباك، وقد نُفّذ بشكل دقيق ومُحكم".
وذكرت تقارير صحفية إسرائيلية أنّ هدف العملية هم اغتيال القياديين خليل الحية وزاهر جبارين، في حين أشارت مصادر إلى أنّ عددًا كبيرًا من قيادات حماس كانوا متواجدين في موقع الاستهداف، من بينهم خالد مشعل، موسى أبو مرزوق، محمد نصر، عزت الرشق، محمد درويش، حسام بدران، وطاهر النونو.
لكن وكالة رويترز ذكرت لاحقًا إنّ قادة حماس من الوفد المفاوض نجوا من الاغتيال.
استهداف الوفد المفاوض لحماس
وكشفت قناة الجزيرة نقلاً عن مصدر قيادي في الحركة أنّ "الاستهداف طال الوفد المفاوض لحماس أثناء اجتماعه في الدوحة". كما أفادت وكالة سابرين نيوز المقربة من إيران أنّ "المقر القيادي للحركة في العاصمة القطرية تعرّض لهجوم مباشر".
وفي حديث خاص لقناة الجزيرة القطرية مع مصدر قيادي في حماس قال:"نجاة الوفد القيادي لحركة حماس برئاسة الدكتور خليل الحية"، مؤكد أنّه "تم استهداف الوفد في غارة إسرائيلية أثناء اجتماع لمناقشة مقترح ترمب الأخير".
دوي انفجارات في العاصمة القطرية الدوحة
بيان الجيش الإسرائيلي
في المقابل، أصدر الجيش الإسرائيلي بيانًا رسميًا جاء فيه:"هاجم الجيش والشاباك من خلال سلاح الجو، بشكل موجّه بدقة، قيادة حركة حماس الإرهابية". وأضاف بيان الجيش:""قادة القيادة الحمساوية الذين تم استهدافهم قادوا أنشطة حماس الإرهابية على مدار سنوات، ويتحملون المسؤولية المباشرة عن ارتكاب مجزرة السابع من أكتوبر وإدارة الحرب ضد إسرائيل". وأوضح البيان:""قبل الغارة، اتُّخذت خطوات لتجنب إصابة المدنيين، شملت استخدام أنواع الذخيرة الدقيقة والمعلومات الاستخبارية الإضافية". واختتم البيان:""سيواصل الجيش والشاباك العمل لحسم حماس المسؤولة عن مجزرة السابع من أكتوبر".
وأضاف الجيش أن العملية حملت اسم "פסגת אש" باللغة العبرية، فيما أُطلق عليها بالعربية اسم "قمّة النار".
إدانة قطرية
من جانبها، أصدرت وزارة الخارجية القطرية بيانًا أدانت فيه بشدة "الهجوم الإسرائيلي الجبان الذي استهدف مقرات سكنية لعدد من أعضاء المكتب السياسي لحماس في الدوحة"، معتبرة أن "الاعتداء الإجرامي يمثل انتهاكًا لكافة القوانين الدولية وتهديدًا خطيرًا لأمن وسلامة القطريين والمقيمين".
وأكد البيان أن "دولة قطر لن تتهاون مع هذا السلوك الإسرائيلي المتهور"، مضيفًا: "التحقيقات جارية على أعلى مستوى، وسيتم الإعلان عن المزيد من التفاصيل فور توفرها".
قطر تعلن تعليق الوساطة بين إسرائيل وحماس
وفي أعقاب العملية الإسرائيلية في الدوحة، أعلنت دولة قطر تعليق جهود الوساطة التي كانت تقودها بين إسرائيل وحركة حماس. وأشارت مصادر قطرية إلى أن القرار يأتي حفاظًا على سيادة الدولة وأمنها.
الجهات القطرية المختصّة تتعامل مع الحدث
لاحقًا، أفادت الداخلية القطرية أنّ "الأصوات التي سمعت في الدوحة تعود إلى استهداف أحد المقار السكنية لحركة حماس"، مؤكدة أنّ :"الفرق المختصة تباشر مهامها والوضع آمن وندعو الجميع إلى استقاء المعلومات من مصادرها الرسمية".
ونقلت تقارير صحفية عن مصادر مطلعة أنّ: "الجهات المختصة القطرية تتعامل مع قتلى في مكان الاستهداف بالدوحة".
قيادي في حماس: القصف الإسرائيلي خلّف شهداء بينهم نجل خليل الحية
وقال سهيل الهندي، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، في تصريحات لقناة الجزيرة، إن "القصف الإسرائيلي الذي استهدف الدوحة مساء اليوم وقع خلال اجتماع للفريق المفاوض لبحث المقترح الأميركي". وأكد الهندي أن "قيادة الحركة نجت من محاولة الاغتيال الجبانة"، مشددًا على أن "دماء قادة الحركة مثل دماء أي فلسطيني". وأضاف أن "القصف استهدف كل إنسان حر في هذا العالم"، معتبرًا أن ما جرى يستهدف تقويض أي مسار تفاوضي. وأشار إلى أن "الهجوم أسفر عن سقوط مجموعة من الضحايا، بينهم جهاد لبد وهمام خليل الحية، إضافة إلى نجل خليل الحية ومدير مكتبه"، كما قال.
وفي سياق متصل، أوضح الهندي أن "الحركة قدّمت إشارات إيجابية بشأن المقترح الأميركي"، محمّلًا الإدارة الأميركية "المسؤولية الكاملة عن هذا الاعتداء". ودعا "العالم الحر إلى قول كلمته" إزاء ما وصفه بالتصعيد الإسرائيلي الخطير.
إدانات عربية وعالمية
توالت ردود الفعل المنددة بالهجوم الإسرائيلي على العاصمة القطرية الدوحة، حيث أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش العملية الإسرائيلية، قائلاً: "أدين بشدة هذا الانتهاك الصارخ لسيادة قطر وسلامة أراضيها. لقد لعبت قطر دورًا إيجابيًا للغاية في تحقيق وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح جميع الرهائن".
وعلّق البابا ليو الرابع عشر على الهجوم الإسرائيلي في الدوحة، قائلاً: "هناك أخبار خطيرة في هذه اللحظات – إسرائيل استهدفت قيادات حماس في قطر. نحن أمام وضع بالغ الخطورة".
عربيًا، أدان الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الإماراتي، بأشد العبارات "الاعتداء الإسرائيلي السافر والجبان الذي استهدف دولة قطر". وأكد أن "هذا الهجوم المتهور يشكل انتهاكًا صارخًا لسيادة دولة قطر، واعتداءً خطيرًا على القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، فضلًا عن كونه تصعيدًا غير مسؤول يهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي".
كما أدانت وزارة الخارجية السعودية واستنكرت "بأشد العبارات الاعتداء الإسرائيلي الغاشم والانتهاك السافر لسيادة دولة قطر الشقيقة"، مؤكدة "تضامنها الكامل ووقوفها إلى جانب دولة قطر، ووضع كافة إمكاناتها لمساندتها في كل ما تتخذه من إجراءات". وحذرت الرياض من "العواقب الوخيمة جراء استمرار إسرائيل في تعدياته الإجرامية وخروجه الصارخ على مبادئ القانون الدولي وجميع الأعراف الدولية"، مطالبة المجتمع الدولي "بإدانة هذا الاعتداء الآثم ووضع حد للانتهاكات الإسرائيلية التي تقوّض أمن واستقرار المنطقة".
وأصدرت كل من الأردن ولبنان والسلطة الفلسطينية ومصر وسوريا والكويت وعُمان والجزائر وتركيا بيانات إدانة واستنكار للقصف الإسرائيلي على العاصمة القطرية الدوحة، معتبرين أنه "خرقًا فاضحًا للقانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، واعتداءً سافرًا على سيادة قطر".