كشفت المحامية والحقوقية جنان عبدو، من اللجنة لمناهضة التعذيب، عن معطيات قالت إنها خطيرة تتعلق بأوضاع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، خصوصاً بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، مؤكدة أنّ ما يجري هو "سياسة ممنهجة من التعذيب والتنكيل وليست حالات فردية".
جنان عبدو: سجون تحت الأرض للأسرى بظروف مأساوية وإهمال طبي إلى حدّ الموت
غرفة الأخبار مع أمير الخطيب
14:43
وقالت عبدو في مقابلة مع راديو الناس: "منذ 20 أكتوبر ازدادت حدة التنكيل والتعذيب داخل السجون، حيث تم إغلاقها بشكل كامل وقطع كل اتصال مع العالم الخارجي، بما في ذلك منع زيارات المحامين، ووقف زيارات الأهالي، ومنع دخول الصليب الأحمر حتى يومنا هذا."
وأوضحت أن السلطة الإسرائيلية اعتمدت سياسة "الخزنة" عبر "إقفال السجون وفرض حالة طوارئ كاملة، مما جعل المحامين الجهة الوحيدة القادرة – نظرياً – على التواصل مع المعتقلين". لكنها أشارت إلى أن هذا الحق يتعرض لانتهاك ممنهج. وقالت في هذا السياق "نواجه مماطلة طويلة في تحديد مواعيد الزيارات، أحياناً تصل إلى شهرين، وأحياناً يُعاد المحامون من أبواب السجون بعد انتظار طويل بحجج واهية، كما حدث مع إحدى زميلاتنا التي مُنعت من لقاء أحد المعتقلين بعد خمس ساعات من الانتظار."
قطع التواصل المطلق
وأكدت عبدو أن مصلحة السجون ذهبت أبعد من ذلك، إذ أصدرت قراراً بمنع المحامين من نقل حتى "السلام" من الأهالي إلى المعتقلين، معتبرة أن هذا التواصل يخرج عن نطاق الاستشارة القانونية. واعتبرت هذا الإجراء "شكلاً من أشكال العزل القسري والممنهج".
وحول ظروف الاعتقال، قالت عبدو إن زياراتها لعدد من السجون، بينها سجن ركيفت تحت الأرض في الرملة، كشفت عن مشاهد مأساوية. ووصفت المشهد قائلة "الأسير لا يعرف أين هو، لا يرى ضوء الشمس، ولا يخرج إلا إلى حيز مغلق. رأينا في بعض السجون محامين أنفسهم يتعرضون للتنكيل، ويُتركون لساعات طويلة في غرف مغلقة، ما يحولهم عملياً إلى معتقلين."
وأضافت أن التقارير التي وصلت إلى اللجنة تشير إلى "وفيات داخل السجون نتيجة الإهمال الطبي والتجويع، حيث وثّقت حالة لأسير من غزة دخل السجن بوزن 80 كيلوغراماً، لكنه خرج جثة هامدة بوزن لا يتجاوز 40 كيلوغراماً، وعليه علامات كسور في الأضلاع".
"ظروف مأساوية وإهمال طبي قاتل"
وانتقدت عبدو المماطلة القضائية في التعامل مع الشكاوى والالتماسات القانونية. وأضافت: "حتى الالتماسات المتعلقة بالظروف المعيشية والتغذية يتم رفضها أو تأجيلها دون مبرر. الأسرى الذين يُحتجزون وفق قانون المقاتل غير الشرعي يعيشون حالة من الاعتقال التعسفي، دون لوائح اتهام واضحة، فقط حتى نهاية الحرب أو إلى أجل غير مسمى."
وبشأن التوصيف القانوني الدولي لهذه الانتهاكات، شددت عبدو على أن ما يجري يدخل في صميم تعريف التعذيب وفق اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984، التي وقعت عليها إسرائيل عام 1991: "القانون الدولي واضح؛ التعذيب ممنوع منعاً باتاً ولا استثناءات. كذلك فإن المعاملة القاسية واللا إنسانية محرّمة بشكل مطلق. ومع ذلك، تستمر إسرائيل في خرق هذه الاتفاقيات رغم التزاماتها."
وختمت عبدو بالقول: "نحن اليوم أمام أكثر من 2800 معتقل إداري من قطاع غزة، بينهم أطباء وممرضون ومواطنون اعتقلوا من الشوارع وأماكن العمل، دون أي تهم موجهة ضدهم. هذه صورة مأساوية تفضح حجم الانتهاكات، وتستدعي تحركاً جدياً من المجتمع الدولي."