بعد أداء مخيّب في مؤتمر نيسان الماضي، بدأ مارك زوكربيرغ، مالك شركة "ميتا" التي تضم فيسبوك وإنستغرام وواتساب، حملة واسعة لإعادة تموضع شركته في سوق الذكاء الاصطناعي، وسط منافسة شرسة مع شركات كبرى مثل "غوغل" و"OpenAI".
خيبة تقنية وتحرّك فوري
بحسب تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن زوكربيرغ شعر بقلق كبير بعد أن فشل النموذج الجديد للذكاء الاصطناعي الذي طورته "ميتا" ويحمل اسم "Llama" في تلبية التوقعات خلال مؤتمر الشركة في نيسان/أبريل. النموذج كان يُفترض أن يُحدث نقلة نوعية، خصوصًا في ميزات المحادثة الصوتية، لكنه لم يكن جاهزًا، ما ترك انطباعًا سلبيًا لدى المطورين والحضور.
عقب المؤتمر، بدأ زوكربيرغ اجتماعات عاجلة مع كبار مدراء "ميتا" عبر مجموعة "واتساب"، وشرع في خطوات كبيرة، أبرزها تخفيض منصب المسؤول عن مشروع الذكاء الاصطناعي، والبدء بعملية استثمار وتوظيف ضخمة.
استثمار مليارات وعروض بملايين الدولارات
أعلن زوكربيرغ عن استثمار بقيمة 14.3 مليار دولار في شركة ناشئة للذكاء الاصطناعي تُدعى Scale AI، وعيّن مؤسسها الشاب ألكسندر وانغ ضمن طاقم القيادة الجديد. كما تواصلت "ميتا" مع شركات ناشئة أخرى مثل محرك البحث الذكي "Perplexity" لبحث صفقات استحواذ.
في محاولة لتجنيد أفضل العقول، عرضت "ميتا" على عشرات الباحثين من شركة "OpenAI" حُزم تعويض تصل إلى 100 مليون دولار للفرد، واستطاعت فعليًا استقطاب أربعة باحثين.
مراجعة للنموذج المفتوح "Llama"
وفقًا لمصادر الصحيفة، بدأ زوكربيرغ وفريقه يفكرون بإمكانية "خفض الاستثمار" في نموذج "Llama"، وهو نموذج مفتوح المصدر يتيح للباحثين حول العالم استخدام وتطوير تقنيته. وتدرس "ميتا" فكرة استخدام نماذج مغلقة المصدر أكثر تطورًا، مثل تلك التي تطورها "OpenAI" أو "Anthropic"، لكن دون اتخاذ قرار نهائي بعد.
في المقابل، صرّحت الشركة أنها لا تزال "ملتزمة تمامًا" بتطوير Llama وتخطط لإصدارات إضافية هذا العام.
سباق الذكاء الخارق وعصر الرواتب الفلكية
زوكربيرغ يسعى الآن للحاق بركب ما يُعرف بـ"الذكاء الخارق" – وهو مستوى من الذكاء الاصطناعي يتفوق على قدرات العقل البشري. شركات مثل "OpenAI" و"غوغل" تعتبر الأبرز في هذا المجال، ويحاول زوكربيرغ تأكيد مكانة "ميتا" ضمن هذا السباق.
وقد بدأت ملامح صراع عالمي على "العقول النادرة" بالظهور، حيث تعرض شركات التكنولوجيا الكبرى رواتب فلكية لباحثي الذكاء الاصطناعي، وأحيانًا دون حتى مقابلات عمل. ويُشبه بعض الخبراء هؤلاء الباحثين بنجوم كرة السلة من حيث القيمة السوقية.
في هذا السياق، شبّه مسؤولون في "ميتا" مارك زوكربيرغ بأنه يدير الفريق بأسلوب مكثف يشبه "عين سورون" من سلسلة "سيد الخواتم"، ما أدى إلى إرهاق بعض المهندسين واستقالتهم.
ورغم التحديات، تستمر ميتا في محاولات التوسع، وقد أجرت محادثات مع شخصيات بارزة في المجال، منها إيليا سوتسكيفر (العالم السابق في "OpenAI") ودانيال غروس من شركة "Safe Superintelligence"، لكن لم تنضج أي اتفاقيات حتى الآن.