هل حققّت الحرب على إيران أهدافها وما أبرز استنتاجاتها؟

جرد حساب أولّي يشكّك فيه مراقبون كثر في إسرائيل بروايتها الرسمية حول "النصر الكبير" مقابل إيران بعد 12 يوما من الحرب عليها 

1 عرض المعرض
آثار الغارة الإسرائيلية على مطار مشهد الدولي شرقي إيران
آثار الغارة الإسرائيلية على مطار مشهد الدولي شرقي إيران
آثار الغارة الإسرائيلية على مطار مشهد الدولي شرقي إيران
(وفق البند 27 أ من قانون الحقوق الأدبية (2007))
ضمن جرد حساب أولّي يشكّك مراقبون كثر في إسرائيل بـ روايتها الرسمية حول "النصر الكبير" مقابل إيران بعد 12 يوما من الحرب عليها ويتساءلون كيف ستؤثّر على مستقبل الحرب في غزة وعلى القضية الفلسطينية والتطبيع إضافة للسؤال عن تأثيرها على الداخل الإسرائيلي. من جهته وقبيّل السماح بـ النشر عن الضربة القاسية التي تعرّض لها الجيش الإسرائيلي في غزة (مقتل سبعة جنود في خان يونس أمس) سارع نتنياهو للتلخيص فتباهى كما كان متوقعّا بـ نتائج الحرب على إيران بقوله إننا "حققّنا انتصارا تاريخيا وأزلنا تهديدين وجوديين فورييّن" وأشار لـ "تهديدي النووي والصاروخي" مهددّا طهران بالعودة للهجمات بحال عادت لبناء قدرات نووية. وتتكاتب صحيفة "يديعوت أحرونوت" مع الرواية الرسمية بـ اختيار عنوانها الرئيس اليوم: "كفينا ووفينا" في المقابل هناك مراقبون إسرائيليون متشككّون ويرون أن الحرب حققّت مكاسب هامة لكنها بعيدة عن المكاسب التامة وعن "الانتصار التاريخي".
تحت عنوان "ما حققناه وما لم نحقّقه" يستعرض محرّر الشؤون الاستخباراتية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" دكتور رونين بيرغمان فيقول إن إسرائيل ضبطت إيران بـ مفاجأة مطلقة وسجّلت نجاحات كثيرة لكن بعدها ورغم تصريحات نتنياهو ليس واضحا إذا ما تمت فعلا إزالة تهديدي النووي والصاروخي. ويوجّه بيرغمان انتقادات لـ "مباهاة نتنياهو بالنتائج" بالقول إنه من المشكوك به أن يكون أحد في إسرائيل وفي إيران أيضا يعرف الجواب ....ومع ذلك هناك من سارع لـ تحديد الحقيقة.

جرعة سمّ

علاوة على الضربة المباغتة والنيل من هيبة وصورة وقدرات إيران العسكرية يشير بيرغمان لـ سيطرة سلاح الجو الإسرائيلي لـ مكسب آخر ينجم عن التفوّق الجوّي الإسرائيلي: "الآن باتت حدود إيران مع إسرائيل مباشرة، غير بعيدة بسبب نجاحات الاستخبارات وسلاح الجو... الآن هي حدود طويلة مؤلمة، مؤلمة لـ إيران". وضمن ترجيحاته يوضح بيرغمان ويضيف: "هذا ليس استسلاما إيرانيا ولا موافقة على مطالب الولايات المتحدة وإسرائيل قبيل الهجوم الكبير ولكن بالتأكيد هذه جرعة من كأس السمّ وقد تنازلت طهران عن الانتقام من الأميركيين مكتفية بضربة محدودة على قاعدة العديد في قطر والأم أنها تنازلت عن الانتقام من إسرائيل رغم أن الضربة التي تلقتها إيران أكبر من تلك التي وجهتّها لـ إسرائيل فالأخيرة ضربت بالتزامن عشرات الأهداف العسكرية والبحثية والصاروخية وقتل علماء وسط مباغتة تامة وفي المقابل سرت مشاعر النشوة الكبيرة في أوساط الائتلاف الحاكم وأبواقه.
المنجزات كبيرة لكن مقارنة نقطة الإنهاء مع تصريحات السياسيين خاصة كاتس منفلت اللسان ونتنياهو الذي وعد بإزالة التهديدات الوجودية الفورية، تظهر أن إسرائيل تنازلت عن استكمال غايات الحرب ومن المشكوك به أنها قابلة للتحقيق أصلا لاسيما بعد تحديد سقف عال لها".

تأجيج شهوة الانتقام

وتبعه زميله يوسي يهوشع الذي يقول ضمن مقال في ذات الصحيفة بعنوان "الامتحان لا يزال أمامنا" إن إيران دولة سيادية لا تنظيما وطموحها النووي لم يتبخّر" وتابع محذرّا: "هذا ليس الوقت لـ إبداء سكرة القوة والعجرفة". ويتقاطع معهما زميلها في الصحيفة آفي سخاروف محلل شؤون الشرق أوسطية بقوله إن هناك سببا لـ الافتخار لا للاستخفاف والنوم على أكاليل الغار".
ويعلل رؤيته بقوله: "لم نبلغ بعد زمن الاحتفال فإسرائيل سجّلت مكاسب كبرى في الجولة الأولى مع إيران منها دفع مفاوضات التطبيع مع دول عربية للأمام بيد أن الفرحة بـ "النصر المطلق" والتفكير بـ استسلام مطلق في طهران مبكرة جدا وهذه الفرحة ستحفّز شهوة الانتقام الإيرانية". وتنشر الصحيفة ذاتها كاريكاتير يسخر من "النصر المطلق" ففيه ينظر رجل وزوجته لـ حي سكني إسرائيلي بعد صاروخ إيراني فيه عمارات وسيارات مهشمّة فيبدو هو مندهشا وهي تقول: نأمل أن ننهض من هذا الانتصار ونحن نتعافى في الطريق للنصر القادم".

أسئلة مفتوحة

من جهته يوضح المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل إن إسرائيل قد حققّت نجاحات مدهشة ولكن أمور مجهولة وغير معروفة بعد ما زالت بلا أجوبة منها على سبيل المثال: ماذا اتفق ترامب ونتنياهو قبل إعلان وقف النار؟ هل طالب ترامب بـ تقدم سياسي في الساحة الفلسطينية مقابل تطبيع مع السعودية؟ ويتساءل هارئيل ربما اتفقا على إنهاء الحرب على غزة؟ ويرى هارئيل للحرب بمنظار أوسع بقوله إن نتنياهو يتحّدث عن "نصر مطلق" بيد أن غزة باقية ومع مخطوفين وقتلى في صفوف الجيش... وعدم جدوى عمليات عسكرية تواصل قتل المدنيين الفلسطينيين أيضا". وهذا ما يقوله محرر شؤون الشرق أوسطية في الصحيفة دكتور تسفي بار إيل بـ تذكيره بـ التحدي الأساس المتمثّل بـ القضية الفلسطينية فيقول هو الآخر إن غزة باقية هنا دائما".
وتحت عنوان "المشكلة ما زالت هنا" يوضح الباحث، المحاضر والصحفي سامي بيرتس أن أداء الجيش بمساعدة الأميركيين في إيران يبدو مدهشا لكن النتائج والتأثيرات الكاملة للحرب سنرى ونفهم في السنوات القادمة. ضمن نقاشه مع مقولة النصر التاريخي يستذكر بيرتس في مقال تنشره "هآرتس" اليوم أن بيغن قرر تدمير مفاعل تموز في العراق عام 1981 وأولمرت قرر تدمير مفاعل دير الزور في سورية عام 2007 والآن نتنياهو ذهب بعد السابع من أكتوبر فقط لمهاجمة مشروع إيران النووي الأكثر تعقيدا ويضيف: "لكن من يعلن أن المساس بـ إيران يؤمّن بقاء إسرائيل لـ أجيال وازدهارها وسلامها وأمنها لا يقول الحقيقة.
من أجل كسب أمن حقيقي لا يكفي بـ إزالة تهديد إيراني فهناك حاجة لمواجهة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي جبى عشرات آلاف الضحايا وأنزل علينا الكارثة الأكبر في تاريخ الدولة". ويقول بيرتس إن المساس بـ البرنامج النووي الإيراني مكسب حيوي لكنه يبدو مهمة سهلة مقابل تسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ويضيف "الوعد بـ سلام مع دول الخليج مكسب جميل لكن الواقع اليومي للإسرائيليين متأثر وسيتأثر بـ الأساس بالعلاقات مع الجيران القريبين وهنا ينبغي تركيز الجهود القادم وصفقة تبادل هي شرط ضروري لـ تفعيل معالجة هذا الصراع". أما سؤال تأثير الحرب على إيران في مستقبل الحرب على غزة واحتمالات صفقة مع حماس فهو الآخر يشغل مراقبين إسرائيليين كثر وتتفاوت تقديراتهم في ذلك.