عيّنت الأمم المتحدة الرئيس العراقي الأسبق برهم صالح مفوّضًا ساميًا لشؤون اللاجئين، في خطوة غير مألوفة تكسر النهج التقليدي القائم على اختيار شخصيات من دول مانحة كبرى لشغل هذا المنصب الرفيع.
وجاء التعيين بقرار صادر عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وفق رسالة رسمية مؤرخة في 11 كانون الأول/ديسمبر، التي أكدت اختيار صالح لولاية مدتها خمس سنوات تبدأ في الأول من كانون الثاني/يناير 2026.
وسيحلّ صالح، وهو سياسي مخضرم ومهندس تلقى تعليمه في بريطانيا وينحدر من إقليم كردستان العراق، مكان الإيطالي فيليبو غراندي الذي يشغل المنصب منذ عام 2016. وامتنعت المفوضية السامية عن التعليق على القرار، بينما اكتفى المتحدث باسم الأمم المتحدة بالقول إن عملية التعيين ما تزال قيد الاستكمال.
ويدخل صالح موقعه الجديد في وقت يشهد العالم ارتفاعًا غير مسبوق في أعداد اللاجئين والنازحين، إذ باتت الأرقام تقارب ضعف ما كانت عليه عند تولّي غراندي مهامه. وفي المقابل، يتراجع التمويل الدولي، خصوصًا بعد خفض الولايات المتحدة مساهماتها وتوجيه بعض الدول المانحة أموالها لقطاعات الدفاع.
وخلال حملته لنيل المنصب، شدّد صالح — الذي تولّى رئاسة العراق بين عامي 2018 و2022 — على التزامه بتعزيز استقلالية اللاجئين وتوفير التعليم وفرص العمل لهم، قائلاً: «أؤمن بعمق برسالة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لأنني اختبرت هذه التجربة شخصيًا. رؤيتي هي مفوضية تضع اللاجئين في صميم عملها، مدركة أن المساعدات الإنسانية بطبيعتها مؤقتة».
وتواجه المفوضية، التي تتخذ من جنيف مقرًا لها وتعتمد بصورة شبه كاملة على التبرعات، عجزًا ماليًا دفعها إلى تقليص ميزانيتها لعام 2026 بنحو 20% لتبلغ 8.5 مليار دولار، إلى جانب الاستعداد لتسريح نحو 5000 موظف، فيما تستمرّ الأزمات في السودان وأوكرانيا بمفاقمة الاحتياجات الإنسانية.
ويرى مسؤولون في المفوضية أن الوضع الراهن يفرض قرارات صعبة بشأن توزيع المساعدات ويزيد المخاطر على حياة اللاجئين حول العالم.
ويخطط صالح لتوسيع مصادر التمويل عبر الاستفادة من التمويل الإسلامي وإشراك القطاع الخاص، إلى جانب طرح فكرة إنشاء «مجلس عالمي للرؤساء التنفيذيين للشؤون الإنسانية». إلا أن مهمته ستصطدم بتشديد القيود الغربية على طلبات اللجوء وازدياد النزعات المناهضة للهجرة، إضافة إلى تململ الدول الفقيرة التي تتحمّل العبء الأكبر من استضافة اللاجئين.
وقد تنافس على المنصب نحو عشرة مرشحين، بينهم سياسيون وشخصيات عامة، إضافة إلى مسؤول تنفيذي في شركة «إيكيا» وطبيب طوارئ وإعلامي. ورغم أن أكثر من نصف المرشحين كانوا من أوروبا انسجامًا مع تقليد عمره 75 عامًا داخل المفوضية — إذ إن تسعة من أصل أحد عشر من قادتها السابقين كانوا أوروبيين — فإن الاختيار وقع على شخصية من منطقة تُعدّ أحد أكبر مصادر اللجوء في العالم.


