قال غيورا آيلند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، إن الاتفاق المرتقب في قطاع غزة لا يُعدّ "انتصارًا مطلقًا" لإسرائيل كما يروّج له بعض المقربين من رئيس الحكومة، لكنه يشكّل في الوقت ذاته خطوة إيجابية ومهمة من عدة نواحٍ، أبرزها استعادة المختطفين الإسرائيليين وبقاء الجيش داخل أجزاء من القطاع.
وأوضح آيلند في حديثه لراديو الناس: "لا يمكن وصف الاتفاق بأنه انتصار مطلق، فهذه كلمة مدمّرة ومضلِّلة، لكنّه بالتأكيد أمر جيد. في نهاية المطاف، الأهم هو استعادة المختطفين، وهذا يبدو مضمونًا، كما أن بقاء الجيش الإسرائيلي في أجزاء من غزة سيمنح سكان غلاف القطاع شعورًا أكبر بالأمان."
غيورا آيلند: الاتفاق في غزة ليس انتصارًا مطلقًا لكنه "أفضل إنجاز ممكن لإسرائيل"
هذا المساء مع فراس خطيب
06:36
وأضاف أن الاتفاق يتضمّن في مراحله الرسمية بندًا ينصّ على تفكيك حركة حماس من سلاحها وتسليم السلطة لجهة أخرى، لكنه شكّك في إمكانية تنفيذ ذلك فعليًا، قائلًا: "من الناحية النظرية، من المفترض أن تتخلى حماس عن سلاحها في المرحلة الثانية، لكنني أشك في أن يحدث ذلك، لأن المجتمع الدولي سيتوقف عن الاهتمام فور استبدال الأسرى، ولن يواصل الضغط أو المتابعة."
وبيّن آيلند أن المرحلة الثالثة من الاتفاق، التي يفترض أن تشمل إنشاء قوة عربية أو دولية تتولى الحكم في غزة، تبدو غير واقعية، مشيرًا إلى أن العالم سيتعامل مع الاتفاق وكأنه "سلام نهائي" ولن يواصل الانخراط في تطبيق بنوده. وأضاف: "بعد اتفاق التبادل، لن يهتم أحد بعد الآن بتفكيك حماس، وسيبقى أمام إسرائيل خياران: إما القول إن الاتفاق لم يُنفّذ بالكامل واستئناف الحرب، أو القبول بأن الحرب انتهت مع الاحتفاظ بالسيطرة على بعض المناطق التي توفر حماية للمستوطنات في الغلاف. وبرأيي هذا كافٍ، وهو الواقع الذي سنعيش فيه على الأرجح."
وفي ما يتعلق بالمشهد الإقليمي، أشار آيلند إلى أن موقع إسرائيل الاستراتيجي في الشرق الأوسط تحسّن من جهة وتراجع من أخرى. وتابع: "تحسّن وضع إسرائيل خصوصًا في الجبهة الشمالية، فحزب الله في لبنان ضعُف بشكل ملحوظ، وهناك ضغوط داخلية في لبنان وأوروبية لنزع سلاح الميليشيات مقابل المساعدات الاقتصادية، وهذا تطوّر إيجابي. كذلك، الوضع في سوريا يميل نحو الاستقرار وقد يؤدي إلى تفاهمات أمنية مستقبلية مع إسرائيل، فيما تواجه إيران وضعًا أضعف مما كانت عليه قبل أشهر."
لكنّه حذّر من جانبين سلبيين برزا في المقابل، الأول صعود تركيا إقليميًا بدعم أمريكي، والثاني تدهور صورة إسرائيل في أوروبا والعالم الغربي. وقال: "تركيا باتت لاعبًا قويًا مدعومًا من الولايات المتحدة وتسعى إلى الهيمنة في سوريا، كما أنها ستحصل على أسلحة أمريكية متطورة، ما قد يشكّل تهديدًا استراتيجيًا على المدى البعيد. أما في أوروبا، فصورة إسرائيل تضررت بشدة؛ فالرأي العام والإعلام هناك معادٍ لها، والحكومات تسير خلف هذا المزاج."
وأضاف أن الاتفاق مع غزة قد يساهم في "وقف التدهور المؤقت" في الموقف الدولي من إسرائيل، مشيرًا إلى أمثلة ، منها "عندما كانت هناك نوايا لاستبعاد إسرائيل من مسابقات كرة القدم الأوروبية وحتى من مسابقة اليوروفيجن، وأعتقد أن هذا الاتفاق سيُوقف تلك الخطوات. ومع ذلك، تبقى المهمة الأصعب هي ترميم صورة إسرائيل في الخارج، وهو مسار طويل وشائك."
وفي ختام حديثه، عبّر آيلند عن أمله في حدوث تغيير سياسي داخلي يعيد لإسرائيل شيئًا من توازنها الدولي، قائلاً: "سيكون من الصعب جدًا تغيير صورة إسرائيل طالما بقيت هذه الحكومة على حالها، ومع وجود وزراء مثل سموتريتش وغيرهم. شخصيًا، آمل أن نشهد تغييرًا في الحكومة، فربما يكون ذلك بداية لتحسين صورة إسرائيل عالميًا، لكن هذا موضوع آخر."


