ترامب يأمر البنتاغون باستئناف التجارب النووية فورًا لأول مرة منذ 33 عامًا

بينما يحاول البيت الأبيض تقديم القرار كـ"خطوة دفاعية وردع استباقي"، يرى منتقدوه أنه مقامرة استراتيجية قد تُكلّف واشنطن مكانتها كقوة مسؤولة

1 عرض المعرض
ترامب في الكنيست
ترامب في الكنيست
ترامب في الكنيست
(الكنيست)
في خطوة وصفت بأنها الأكثر جرأة منذ انتهاء الحرب الباردة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه وجّه أوامر عاجلة إلى البنتاغون لبدء تجارب نووية “فورًا”، في أول تحرك من نوعه منذ أكثر من ثلاثة عقود. وجاءت تصريحات ترامب قبل دقائق من لقائه الرئيس الصيني شي جين بينغ في كوريا الجنوبية، في مشهد يختزل التداخل بين الحسابات النووية والسياسة الدولية والتجارة العالمية.
إعلان غير مسبوق قال ترامب في منشور على منصته “Truth Social”:"الولايات المتحدة تمتلك أكبر ترسانة نووية في العالم، وهو إنجاز تحقق خلال ولايتي الأولى. روسيا في المركز الثاني، والصين في طريقها للحاق بنا خلال خمس سنوات. لذلك، أمرت وزارة الحرب الأميركية ببدء اختبارات على أسلحتنا النووية، بشكل متوازن مع اختبارات الدول الأخرى". وأضاف الرئيس الأميركي أن عملية الاختبار ستبدأ “بشكل فوري”، دون أن يوضح طبيعة هذه التجارب أو موقعها الجغرافي، وسط تكتم رسمي من وزارة الدفاع الأميركية.
كسر صمتٍ دام 33 عامًا آخر تجربة نووية أجرتها الولايات المتحدة كانت في سبتمبر/أيلول عام 1992 في ولاية نيفادا، قبل أن تُجمّد جميع التجارب التدميرية الفعلية بموجب التفاهمات الدولية حول حظر الاختبارات النووية.وبهذا القرار، يكسر ترامب تقليدًا أميركيًا استمر 33 عامًا، ما أثار موجة من التحذيرات في الأوساط الدبلوماسية والعسكرية.
ردٌّ على موسكو وبكين يأتي الإعلان الأميركي بعد أيام فقط من إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تجربة “ناجحة” لمنظومة السلاح النووي البحري “بوسيدون”، وهي صاروخية تعمل بطاقة نووية وتُعد من أبرز رموز سباق التسلح الجديد. ويرى مراقبون أن خطوة ترامب تمثل ردًا مباشرًا على موسكو، ومحاولة لتوجيه رسالة ردع إلى الصين التي تسعى إلى توسيع قدراتها النووية.
الفجوة الرقمية بين القوى النووية وفقًا لتقارير “معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي” و”اتحاد العلماء الأميركيين”، تمتلك روسيا حاليًا ما بين 5,400 إلى 5,600 رأس نووي، تليها الولايات المتحدة بنحو 5,000 إلى 5,200 رأس، ثم الصين بنحو 600 رأس نووي فقط. ويشير الخبراء إلى أن “السباق نحو تحديث الترسانات النووية” بات أكثر خطورة من مجرد عدد الرؤوس، إذ يدخل فيه عامل السرعة والتقنيات الذكية وأنظمة الإطلاق متعددة المجالات.
قلق عالمي وتحذيرات من سباق تسلح جديد أثارت تصريحات ترامب ردود فعل دولية متوجسة؛ فقد اعتبر محللون في واشنطن أن القرار “لا مبرر له عسكريًا” وقد يعيد العالم إلى أجواء الحرب الباردة. من جهتها، دعت منظمات دولية إلى التزام واشنطن بمعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، محذّرة من أن أي تجربة أميركية ستدفع روسيا وربما الصين إلى الرد بخطوات مماثلة.
اللقاء مع شي جين بينغ: الدبلوماسية على حافة النووي بعد الإعلان المثير، التقى ترامب نظيره الصيني في مدينة بوسان، حيث ناقشا ملفات التجارة العالمية والتهدئة في الشرق الأوسط، وسط أجواء مشحونة. وقال ترامب قبل اللقاء: "ربما نوقع اتفاقًا تجاريًا اليوم"، في إشارة إلى رغبته بدمج الضغط النووي بالورقة الاقتصادية ضمن مفاوضاته مع الصين. أما الرئيس الصيني فقال إن لدى الجانبين “أسسًا مشتركة للوصول إلى اتفاق”، مؤكدًا أن العلاقات بين البلدين “يجب أن تكون نموذجًا للاستقرار العالمي”.
تحليل: عودة سباق السلاح النووي؟ يرى خبراء السياسة الدولية أن قرار ترامب يمثل نقطة انعطاف في السياسة الدفاعية الأميركية، وقد يعيد رسم معادلات الردع العالمي. فإذا تم تنفيذ الاختبارات فعلًا، فإن ذلك سيعني بداية مرحلة جديدة من السباق النووي العالمي، مع ما تحمله من مخاطر سياسية وبيئية وأمنية، ليس فقط بين القوى الكبرى، بل أيضًا على استقرار النظام الدولي بأسره. بينما يحاول البيت الأبيض تقديم القرار كـ"خطوة دفاعية وردع استباقي"، يرى منتقدوه أنه مقامرة استراتيجية قد تُكلّف واشنطن مكانتها كقوة مسؤولة. ومع تصاعد التوتر بين واشنطن وموسكو وبكين، يبدو أن العالم يتجه إلى مرحلة عنوانها:“الردع بالاختبار… والاختبار بالردع.”