1 عرض المعرض


راسم نعامنة ضحية جريمة القتل
(تُستخدم هذه الصورة بموجب البند 27 أ من قانون الحقوق الأدبية (2007))
ما تزال بلدة كوكب أبو الهيجاء ومدينة عرّابة تحت وطأة الصدمة بعد الجريمة البشعة التي أودت بحياة راسم نعامنة صباح الخميس، إثر تعرضه لإطلاق نار أثناء توجهه لفتح دكانه في ساعات الفجر الأولى.
إنصاف نعامنة: حتى الآن لا نصدق ما جرى، نشعر وكأننا نحلم. راسم أبعد إنسان يمكن أن يؤذي أحدًا
غرفة الأخبار مع عفاف شيني
07:42
وفي حديث مؤثر لـ"راديو الناس"، قالت السيدة إنصاف نعامنة، شقيقة زوجة المرحوم، إن العائلة ما زالت غير قادرة على استيعاب الفاجعة، واصفة ما حدث بأنه "كابوس لا يُصدّق". وأضافت: "حتى الآن لا نصدق ما جرى، نشعر وكأننا نحلم. راسم أبعد إنسان يمكن أن يؤذي أحدًا، لا يؤذي حتى نملة."
تروي إنصاف اللحظات الأولى لتلقي الخبر، بصوت يملؤه الحزن والذهول: "كنا على مجموعة العائلة في الواتساب منذ الصباح، وفجأة كتبت أختي: راح راسم. كلمتان فقط قلبتا حياتنا رأسًا على عقب... اتصلت به فلم يُجب، اتصلت بزوجته فلم تُجب، ثم اتصلت بابنه فادي فقال لي: خالتي طخوا أبوي."
وتابعت بصوت متهدج: "ركضت إلى المستشفى، لكن قبل أن أصل، اتصل بي ابن أخي وقال: عمتي ارجعي... ودّعوا أبو فادي. عندها فهمت أن الأمل انتهى."
"كريم، وكان محبّا للحياة وخدوما للكل"
وعن شخصية الفقيد، قالت إنصاف نعامنة إن راسم كان معروفًا في بلدته وفي بلدات الجوار بدماثة أخلاقه وهدوئه، قائلة: "كان إنسانًا مبتسمًا دائمًا، يحب القريب والغريب، كريمًا جدًا، لا يغيب عن أي مناسبة، سواء كانت فرحًا أم ترحًا. كان محبًا للحياة وخدومًا بكل معنى الكلمة."
وأشارت إنصاف إلى أن المرحوم وعائلته كانوا على وشك الانتقال إلى بيتهم الجديد بعد عامين من الاستئجار، وأضافت بأسى: "أختي كانت تحدثني أمس فقط وتقول لي: الليلة أول ليلة لنا في البيت الجديد. لكنه لم يتمكن من دخول بيته الجديد أبدًا..."
وفي حديثها عن تصاعد العنف في المجتمع العربي، قالت نعامنة بمرارة: "صرنا في بلد نخرج من جنازة لندخل في أخرى. كانت عرّابة في القمة من حيث التعليم ونسبة المتعلمين والأطباء، واليوم بتنا نسبح في بركة من الدم. لا يمكن توجيه إصبع الاتهام إلى شخص واحد، لأن هذا اللون الأسود صار يغطينا جميعًا كمجتمع."
وأضافت بحرقة: "راسم لا علاقة له بعالم الإجرام إطلاقًا. كان يستيقظ يوميًا عند الرابعة والنصف ليصلي الفجر، ثم يفتح دكانه. قتلوه قبل أن يفتح باب رزقه."
وحول المظاهرة القطرية المقررة في عرّابة احتجاجًا على تفشي العنف، أكدت إنصاف دعم العائلة الكامل لهذه الخطوات: "كل خطوة تُضيء ضوءًا أحمر وتقول إن هناك خطرًا محدقًا هي خطوة ضرورية. نحن كمجتمع يجب أن ننتبه قبل أن يفوت الأوان. أنا معلمة، وقبل يومين فقط أجريت فعالية لطلابي عن العنف بعد مقتل أحد الطلاب، ولم أكن أعلم أن المصيبة ستصل بيتي بهذه السرعة."
واختتمت إنصاف حديثها بنبرة حزينة وهي تصف راسم نعامنة بأنه نموذج للأب والزوج والعامل المثالي: "كان رمزًا للأب الحنون والزوج الصالح، أفنى حياته من أجل أسرته وأولاده. راسم هو مثال للعامل الكادح الذي بنى كل شيء بعرق جبينه."
هاشم: "كان إنسانًا مبتسمًا ومحبًّا للجميع"
هاشم نعامنة: "كان إنسانًا مبتسمًا ومحبًّا للجميع"
بدوره، عبّر هاشم نعامنة، ابن شقيق الفقيد، عن صدمته العميقة لما جرى، قائلاً: "المرحوم راسم هو عمي، لكن لا يوجد فرق كبير في العمر بيني وبينه، فقط عامان، وكانت تربطني به علاقة مميزة جدًا. ما زلت غير قادر على استيعاب ما حدث، فحتى الآن لا نملك كل التفاصيل، لكن المعروف أنه حوالي الساعة الخامسة صباحًا، حين وصل إلى محله في كوكب أبو الهيجاء، كان هناك من ينتظره، وتمكنوا من اغتياله قبل أن يفتح المحل."
وأضاف هاشم بصوت يملؤه الأسى: "المرحوم كان إنسانًا مميزًا جدًا، لا تفارق الابتسامة وجهه، يحب الكبير والصغير ويساعد الجميع. لم أسمع يومًا أحدًا يتحدث عنه بسوء، كان محبوبًا من الجميع وبشوشًا دائمًا."
وأشار إلى أن الجريمة وقعت في لحظة كان فيها المرحوم يستعد لمرحلة جديدة من حياته، قائلاً: "قبل أيام فقط أنهى تجهيز بيته الجديد، وكان من المفترض أن ينتقل إليه مع عائلته. كان سعيدًا بتلك الخطوة، لكن للأسف الشديد لم يُتح له أن يعيش فيها يومًا واحدًا."
وتابع نعامنة بتأثر واضح: "الوجع كبير، والموقف صعب جدًا، لكن ما نتمناه أن تكون هذه آخر الفواجع، وأن يتوقف هذا المسلسل المؤلم من العنف والدم. ما يحدث أصبح يفوق الخيال، لم نعد نستطيع أن نتوقع من سيكون الضحية التالية."
وفي ختام حديثه، وجّه رسالة حزينة إلى أبناء المجتمع العربي قائلاً: "للأسف، صار الواحد يعيش في خوف دائم. ما حدث مع عمي ممكن أن يحدث لأي بيت، لذلك على الجميع أن يحذر ويحافظ على نفسه. رحم الله عمي راسم، عاش طيبًا ورحل مظلومًا."
يُذكر أن المرحوم راسم نعامنة ترك خلفه زوجة وثلاث بنات وابنًا واحدًا، فيما لم تُعلن العائلة بعد تفاصيل موعد التشييع بانتظار عودة ابنتيه من خارج البلاد.


