ألقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ظهر اليوم الجمعة خطابًا تلفزيونيًا إلى الجمهور الإسرائيلي أعلن خلاله أن جهود الحكومة والجيش أسفرت عن التوصل إلى صفقة لاستعادة جميع المختطفين، أحياءً ورفاتًا، مُؤكدًا أن أمن إسرائيل وإعادة المختطفين كانا «نصب عينه» طوال فترة الحرب. كما شدد على أن ضغوطًا سياسية وعسكرية كبيرة مورست على حماس لإجبارها على القبول، وأن نزع سلاح حماس سيكون جزءًا من المراحل التالية في تنفيذ الاتفاق.
“لم تكن الصفقة مطروحة دائمًا”
افتتح نتنياهو كلمته بتوجيه الشكر لعائلات المخطوفين وللقوات الأمنية، مشيرًا إلى أن العودة الشاملة للمختطفين كانت هدفًا ثابتا على مدى العامين الماضيين منذ اندلاع الحرب. ونفى في حديثه أي تصور مفاده أن «الصفقة كانت دائمًا على الطاولة»، وقال بوضوح إن حماس لم تكن توافق على تسليم جميع المختطفين إلا بعد أن شعرت بأن الضغط «موجه مباشرة إلى عنقها».
قال نتنياهو حرفيًا (بترجمة موجزة): «كل من يقول إن صفقة المختطفين كانت موضوعة طوال الوقت على الطاولة ،ببساطة لا يقول الحقيقة. حماس لم توافق على إرجاع كل مختطفينا بينما نحن داخل القطاع. وافقت فقط عندما شعرت أن السيف موضوع على رقبتها ،وما زال كذلك».
استراتيجية الضغط: عسكري ودبلوماسي
فسّر رئيس الحكومة أن الاستراتيجية التي اتبعها اعتمدت على مزج «ضغط عسكري هائل» بدعم دبلوماسي دولي — وذكر تدخل الرئيس الأمريكي وُصف بأنه عامل حاسم عزّز العزلة الدولية لحماس وساهم في قبولها الاتفاق. وأشار إلى أن الضغوط الداخلية والخارجية كانت هائلة، وأنه رفض آنذاك دعوات للانسحاب السريع أو التراجع عن تحركات عسكرية رئيسية، لأن ذلك كان من شأنه الإخلال بهدف استعادة المخطوفين وتأمين إسرائيل.
وأضاف: «لو دخلنا بقوة إلى مدينة غزة وهددنا مراكز القوة فيها فسوف تضطر حماس لحماية سلطة حكمها — وهكذا نجحت الخطة بمزيج الحزم العسكري والضغط السياسي الدولي».
نزع السلاح وخطوات لاحقة
أوضح نتنياهو أن الاتفاق ليس نهاية المطاف، بل بداية لمرحلة ستشمل «تفكيك بنى القوة لدى حماس» و«نزع سلاحها» في مراحل لاحقة من الخطة. وقال إن تل أبيب تعمل على ضمانات أمنية طويلة الأمد تهدف إلى إزالة التهديدات الصاروخية والنفوذ الإيراني في المنطقة، معتبرًا أن حماس جزء مركزي من «محور إقليمي» كانت تتعاون معه طهران.
وأضاف: «نحن نلفّ الحصار حول حماس من كل الجهات استعدادًا للمراحل القادمة في البرنامج، التي تهدف إلى تفريغ حماس من أسلحتها وتفكيك بنيتها العسكرية. إن تحقق ذلك بيسر فذلك حسن، وإن لم يتحقق فسيتحقق بالصعوبة».
إقرار بالضغوط وذكر للتضحيات
تطرق رئيس الوزراء إلى الضغوط الداخلية والخارجية التي واجهها خلال فترة اتخاذ القرار، وقال إنه تحمّل ضغوطًا «كبيرة من الداخل والخارج» رفضت أن تُنفّذ عمليات في مواقع محدّدة أو طالبت بوقف القتال والانسحاب السريع، لكنه صمد لأن «الأولوية كانت أمن إسرائيل». ووجّه شكرًا واضحًا للقوات المسلحة ولأسر الشهداء والجرحى، معبّرًا عن مواساته للعائلات ومشددًا على أن الدولة ستقوم بواجبها تجاه المصابين والنائبين عن الضحايا.
كما ذكر إنجازات سابقة في استعادة مختطفين على مدى ما قبل الاتفاق، مبرزًا أرقامًا عن مختطفين تم إرجاعهم إلى إسرائيل في مراحل مختلفة وعمليات نُفذت من قبل القوات.
التأكيد على دور الحلفاء والدبلوماسية الأمريكية
كرّم نتنياهو دور الولايات المتحدة، وذكر مساهمة الرئيس ترامب وفريقه في بلورة خطة أدت إلى عزل حماس دبلوماسيًا، مشيرًا إلى أن هذا العزلة ساهمت في دفع حماس إلى القبول بالاتفاق. وأشاد بالعمل المشترك لوفد التفاوض الإسرائيلي برئاسة الوزير رון درمر والجهود «المخلصة والمبدعة» التي قادها طاقم المفاوضات.
أبعاد إنسانية واجتماعية بعد العودة
أعلن رئيس الوزراء أن عودة المختطفين سترافقها «مهمة شاقة لإعادة التأهيل الجسدي والنفسي» وأن الدولة ستقف إلى جانب المتضرّرين وأهاليهم. وأكد أن «شعب إسرائيل سيحتضن عائلات المختطفين والجرحى»، وأنه سيتم التعامل مع شأن إعادة رفات القتلى بعناية واحترام وفق واجب قومي وديني.
خاتمة ورسالة للوحدة
اختتم نتنياهو خطابه بنداء للوحدة واليقظة، معترفا بأن المعركة لم تنتهِ تمامًا، لكنها حققت «انتصارات غيرت ملامح الشرق الأوسط» بحسب قوله. ودعا الجمهور إلى التماسك والعمل المشترك لإنجاز المراحل المقبلة من الخطة وتحويل هذه اللحظة إلى بداية لسلام أوسع إذا توافرت الشروط لذلك.
قال في ختام كلمته مترجماً: «معًا سنقف أمام التحديات، معا سننجز».
خطاب نتنياهو اليوم ركّز على رواية القوة والإنجازات الأمنية والدبلوماسية كأساس لاستعادة المختطفين، مع إبراز دور الضغوط العسكرية والدولية في إجبار حماس على القبول. الخطاب يضع تصوّرًا لاستمرار المواجهة بصيغتها السياسية والأمنية عبر مراحل تعقب التنفيذ الفوري للاتفاق، وأكّد أن السعي نحو تفكيك بنية حماس العسكرية سيستمر — ما يطرح تحديات تنفيذية وسياسية لاحقة، داخليًا ودوليًا.


