في مفارقة فريدة، يصادف اليوم 18 نوفمبر عيد ميلاد اثنين من أبرز نجوم الشاشة في العالم العربي، وهما في الوقت نفسه زوجان وشريكان في عدد من الأعمال: منى زكي (1977) وأحمد حلمي (1968). ثنائي بدأ كلٌّ منهما مسيرته من بوّابة مختلفة، ثمّ التقيا في الحياة والعمل، وتحوّل ارتباطهما منذ 2002 إلى حالة لافتة داخل الوسط، لا سيّما بسبب غياب الجدل حول حياتهما الخاصّة، واستمرار نشاطهما الفني كلٌّ في مساره.
منى زكي – من طفولة متنقّلة إلى أيقونة درامية معاصرة
ولدت منى زكي في القاهرة، وقضت طفولتها متنقّلة بين إنجلترا والكويت والولايات المتّحدة بسبب عمل والدها، قبل أن تعود إلى مصر وتلتحق بكلّية الإعلام – قسم العلاقات العامّة والإعلان في جامعة القاهرة. هذا الانتقال المستمرّ بين بيئات وثقافات مختلفة ترك أثره على قدرتها على التكيّف وتجسيد شخصيات من طبقات وخلفيّات اجتماعية مختلفة.
ومنذ أن اكتشفها المخرج والممثّل محمد صبحي ومنحها أوّل فرصة احترافية في مسرحية "بالعربي الفصيح"، شقّت منى زكي طريقَها لتدخل بعدها تدريجيًا إلى التلفزيون والسينما. ومع نهاية التسعينيات وبداية الألفية، لمع اسمُها في موجة ما عُرف بـ"سينما الأسرة" أو "السينما النظيفة"، عبر أدوار الفتاة القريبة من الجمهور، ذات الملامح البريئة والحضور العفوي، في أعمال مثل "خالتي فرنسا" و"أبو علي"، حيث ثبّتت صورتها كنموذج لبطلة شابّة تعبّر عن الطبقة المصرية الوسطى.
ولم تتوقّف مسيرتها هناك؛ إذ شكّل فيلم "أيام السادات" نقلةً نوعيّة بعد تجسيدها شخصية جيهان السادات، ثم جاء "سهر الليالي" (2003) كأحد أهمّ محطاتها، من خلال عملٍ جماعي تناول تعقيدات العلاقات الزوجية والاجتماعية، وكرّس حضورَها ضمن جيل جديد من نجوم السينما. لاحقًا، اتّجهت إلى أدوار أكثر جرأة من حيث الموضوعات الاجتماعية، فظهرت في أعمال أثارت في حينه نقاشًا واسعًا مثل فيلم "أصحاب ولا أعزّ"، ومسلسل "لعبة نيوتن"، ثمّ "تحت الوصاية" و"رحلة 404"، فأكّدت موقعها كنجمة قادرة على الجمع بين الشعبية والجدل.
إلى جانب ذلك، اختيرت منى زكي سفيرةً للنوايا الحسنة لليونيسف، وشاركت في حملات مرتبطة بحقوق الأطفال والصحة، ما أضفى على صورتها العامّة بُعدًا إنسانيًّا خاصًّا. كما واصلت حضورها في الإعلانات التجارية، سواء منفردة أو إلى جانب زوجها، لتبقى واحدة من أبرز الوجوه النسائية استمراريّة وتأثيرًا في المنطقة.
أحمد حلمي – من ديكور البرامج إلى "نجم الشباك" الكوميدي
على الجانب الآخر، جاءت انطلاقة أحمد حلمي من مسار مختلف تمامًا. فقد وُلد في مدينة بنها في مصر ونشأ لعدّة سنوات في السعودية بسبب عمل والده، قبل أن يعود إلى مصر ويدرس في المعهد العالي للفنون المسرحية – قسم الديكور، ويعمل لفترة كمهندس ديكور، ثمّ مخرجًا لبرامج الأطفال في القناة الفضائية المصرية. ذلك، قبل أن ينتقل إلى التقديم التلفزيوني في برنامج "لعب عيال"، الذي حقّق نجاحًا لافتًا في حينه.
وكانت النقطة الفاصلة عام 1999 عندما اختاره المخرج شريف عرفة للمشاركة في فيلم "عبود على الحدود" إلى جانب علاء ولي الدين وكريم عبد العزيز، وهو العمل الذي فتح له الطريق إلى سلسلة من الأدوار المساندة في أفلام مثل "ليه خلتني أحبك" و"الناظر" و"السلّم والثعبان"، قبل أن ينتقل إلى أدوار البطولة المُطلقة. ابتداءً من "ميدو مشاكل" (2003)، توالت أعمالُه التي رسّخت مكانته كنجم كوميديا أوّل، مثل "زكي شان"، "جعلتني مجرمًا"، "مطبّ صناعي"، "كده رضا"، ثمّ "آسف على الإزعاج" الذي نال عنه جوائز عدّة؛ وصولًا إلى "إكس لارج" (2011) الذي تصدّر شبّاك التذاكر في حينه.
وفي العقد الأخير واصل حلمي حضوره عبر أفلام مثل "على جثّتي"، "صنع في مصر"، "لف ودوران"، و"خيال مآتة"، ثمّ عاد بقوّة بفيلم "واحد تاني" عام 2022. إلى جانب السينما، شارك في عدد من المسلسلات التلفزيونية والإذاعية، كما كان عضوًا في لجنة تحكيم برنامج المواهب "Arabs Got Talent" لعدّة مواسم، ما وسّع من حضوره في المجال الترفيهي العربي.
على المستوى الشخصي، خاض تجربة مرضية صعبة بعد إصابته بورمٍ سرطاني في الظهر خضع لاستئصاله في الولايات المتحدة، ثمّ عاد لمواصلة عمله الفني؛ وعُيّن سفيرًا لليونيسف في مشروع غذاء من أجل التعليم وشارك في مبادرات ومشاريع خيريّة للأطفال.
بين الحياة والمهنة – شراكة على الشاشة وخارجها
تزوّج النجمان عام 2002، بعد سنوات من التعاون الفنّي واللقاءات المتكرّرة في مواقع التصوير، ليشكّلا أحد أكثر الثنائيات استقرارًا في الوسط الفني. جمعتهما أعمال سينمائية من بينها "ليه خلتني أحبك" و"سهر الليالي"، إلى جانب ظهور مشترك في إعلانات تلفزيونية مثل حملات سيارات شيفروليه، والتي ساهمت في ترسيخ صورتهما كثنائي قريب من العائلة المصرية والعربية البسيطة.
على مدار سنوات زواجهما، حافظ الثنائي على مساحة واضحة بين الحياة المهنية والحياة الخاصّة؛ إذ يحرصان على إبقاء تفاصيل الأسرة بعيدًا عن الاستهلاك الإعلامي المباشر، مكتفيين بظهور متوازن في المناسبات الفنّية والمشاريع المشتركة. أنجبا ثلاثة أبناء: لي لي (2003)، سليم (2014)، ويونس (2016)، وغالبًا ما يُشار إلى علاقتهما كنموذج نادر لعلاقة طويلة الأمد في عالم تسوده الشائعات والانفصالات السريعة.
أثرٌ مشترك في الذاكرة الفنية
على امتداد أكثر من عقدين، نجحت منى زكي في التحوّل من "وجه ملائكي" في سينما التسعينيات إلى واحدة من أبرز نجمات الدراما العربية المعاصرة، قادرة على حمل أعمال جماهيرية وفي الوقت نفسه خوض تجارب تثير نقاشًا اجتماعيًا حادًّا. وفي المقابل، استطاع أحمد حلمي أن يحمي موقعه كأحد أهمّ نجوم الكوميديا في العالم العربي، عبر أعمال تجمع بين الترفيه وقضايا قريبة من حياة الناس، أصبحت بدورها جزءًا من ذاكرة أجيال كاملة.


