أعربت وزارة الصحة الإسرائيلية عن قلقها الشديد إزاء الارتفاع الحاد في معدلات الإصابة بالإنفلونزا خلال الأيام الأخيرة، في ظل معطيات تشير إلى صعوبة الموسم الحالي مقارنة بالسنوات الماضية، ولا سيما مع تدني نسب الإقبال على التطعيم، إذ لم تتجاوز نسبة المطعّمين 13% من مجمل السكان.
وفي حديث لراديو الناس، قال الدكتور صلاح الدين محاميد، وهو محاضر وطبيب عائلة مختص، إن المؤشرات الطبية الحالية تدل على موسم إنفلونزا أكثر حدّة، موضحًا أن نوع الفيروس المنتشر هذا العام يُعد أشد من الأنواع التي سادت في مواسم سابقة.
صلاح الدين محاميد: فيروس إنفلونزا أشد ينتشر هذا العام ونسبة المطعّمين لا تتجاوز 13%
المنتصف مع عفاف شيني
05:37
وأوضح محاميد أن “الحديث يدور عن انتشار واسع لنوع أقوى من فيروس الإنفلونزا، وهو من السلالة المعروفة باسم H3N2، والتي تتسبب بأعراض أكثر شدة وتحمل مخاطر صحية أعلى”، مشيرًا إلى أن هذا الفيروس ظهر هذا العام في وقت مبكر بنحو شهر مقارنة بالمعتاد. وأضاف: “نلاحظ أن الأعراض أطول وأقسى، وهناك عدد كبير من المصابين الذين احتاجوا إلى العلاج في المستشفيات، وللأسف تم تسجيل حالات وفاة نتيجة مضاعفات هذا الفيروس”.
وأشار الطبيب إلى أن طول فترة الأعراض بات سمة واضحة هذا الموسم، موضحًا أن “كثيرًا من المرضى يعانون من استمرار الأعراض لأسابيع، وهو ما نلاحظه بشكل متكرر في عيادات طب العائلة، حيث يحتاج الجسم وقتًا أطول للتخلص من الفيروس”.
انخفاض بنسبة متلقي التطعيم
وحول أسباب خطورة الوضع الحالي، لفت محاميد إلى أن المشكلة لا تكمن فقط في شدة الفيروس، بل أيضًا في الانخفاض الحاد في نسب التطعيم، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر. وقال: “نشهد هذا العام تراجعًا كبيرًا في الإقبال على التطعيم، ووفق معطيات صناديق المرضى، فإن نسبة التطعيم لدى الأشخاص فوق سن 65 عامًا، والذين يعانون من عوامل خطر، انخفضت إلى نحو 13–14%، مقارنة بنحو 45% في العام الماضي”.
وعزا محاميد هذا التراجع إلى تراجع الثقة بالتطعيمات بعد جائحة كورونا، مضيفًا: “للأسف، أدت حالة الجهل أو عدم الوعي بمخاطر المرض إلى تعامل كثيرين مع الإنفلونزا باعتبارها نزلة برد عادية، في حين أننا نتحدث عن فيروس قوي قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة وحتى إلى الوفاة”.
وفي ما يتعلق بالأطفال، أكد الطبيب أن أقسام المستشفيات تشهد وصول حالات حرجة، وقال: “نسمع عن أطفال وفتيان يصلون إلى أوضاع صحية صعبة نتيجة مضاعفات الإنفلونزا والفيروسات الموسمية، وبعض الحالات انتهت بوفاة، وهو أمر يدعو إلى القلق الشديد”.
توصيات تنقذ الحياة
ووجّه الدكتور محاميد جملة من التوصيات للجمهور، مشددًا على أن “أفضل وسيلة للوقاية هي التطعيم”، موضحًا أن “التطعيم قد لا يمنع الإصابة بشكل كامل، لكنه يقلل خطر الإصابة الشديدة والمضاعفات الخطيرة بنسبة تصل إلى نحو 90%، ويساهم بشكل فعلي في منع الوفاة”. وأكد أن التطعيم ضروري بشكل خاص للفئات الأكثر عرضة للخطر، وهي: “الأشخاص فوق سن 65 عامًا، الأطفال من عمر ستة أشهر حتى خمس سنوات، المرضى المصابون بأمراض مزمنة، من يتلقون أدوية مثبطة للمناعة، إضافة إلى النساء الحوامل”.
كما دعا المصابين بالإنفلونزا إلى الالتزام بالإجراءات الوقائية، قائلاً: “من المهم أن يلتزم المصاب بارتداء الكمامة، وأن يمتنع عن التوجه إلى العمل أو الأماكن العامة، تفاديًا لنقل العدوى للآخرين”. وأضاف: “بالنسبة للأطفال، يُفضّل إبقاؤهم في المنزل حتى الشفاء التام، وعدم إرسالهم إلى الحضانات أو المدارس، التي تُعد بيئة خصبة لانتشار الفيروسات”.
وختم محاميد بالتشديد على أهمية استقاء المعلومات الطبية من مصادر موثوقة، داعيًا الجمهور إلى “التوجه إلى الأطباء وأهل الاختصاص، وعدم الاعتماد على معلومات مضللة أو غير دقيقة يتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة في ما يتعلق بموضوع التطعيمات”.


