تسونامي نفسي بعد الحرب | د. دقدوقي: التأثير ينتشر كالعدوى ويصيب العرب أيضًا

تفاعلًا مع المعطيات الرسمية التي كشفت أن مليوني إسرائيلي يعانون من صدمات واضطرابات نفسية نتيجة الحرب، يؤكد الأخصائي النفسي د. جمال دقدوقي أن هذه الأرقام غير مبالغ فيها إطلاقًا، موضحًا أن تأثير الصدمة النفسية لا يطال الفرد وحده، بل يمتد إلى محيطه الأسري والاجتماعي بطريقة تشبه العدوى. 

3 عرض المعرض
الدكتور جمال دقدوقي
الدكتور جمال دقدوقي
الدكتور جمال دقدوقي
(وفق البند 27 أ لقانون حقوق النشر 2007)
كشف تحقيق سيكولوجي موسّع نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت في ملحقها الأسبوعي، اليوم الجمعة، عن أرقام صادمة تُظهر أن مليوني إسرائيلي—أي نحو خمس السكان—يعانون من اضطرابات نفسية وصدمات مباشرة ناجمة عن الحرب الأخيرة. ويحذّر الخبراء الذين استند إليهم التحقيق من أن البلاد تقف أمام ما وصفوه بـ "تسونامي من الكرب ما بعد الصدمة"، إذ تتزايد أعداد المتضررين يومًا بعد يوم، خصوصًا في صفوف الجنود والمحتكّين مباشرة بأحداث الحرب. ورغم أن الرقم يبدو هائلًا، إلا أن التحقيق يلمّح إلى أن الصدمة تنتقل داخل العائلة كعدوى؛ فالأب أو الجندي الذي يعيش اضطرابًا نفسيًا ينقل تأثيره إلى زوجته وأولاده، ما يرفع عدد المتضررين بشكل مضطرد. وبينما يطرح البعض تساؤلات حول احتمال المبالغة بهدف تحصيل دعم من التأمين الوطني، يؤكد مختصّون أن الظاهرة حقيقية وخطورتها تتفاقم. ويبقى السؤال: كيف انعكست هذه الحرب نفسيًا على العرب داخل البلاد؟ وهل تخضع صدماتهم للتقديرات نفسها، أم أن الواقع أكثر تعقيدًا بالنظر إلى ما مرّوا به من مشاهد، خسائر، وضغوط معيشية واقتصادية خانقة؟
3 عرض المعرض
أضرار جسيمة جرّاء حرب إيران
أضرار جسيمة جرّاء حرب إيران
أضرار جسيمة جرّاء حرب إيران
(Flash90)
د. جمال دقدوقي يوضح تفاعلًا مع المعطيات الرسمية التي كشفت أن مليوني إسرائيلي يعانون من صدمات واضطرابات نفسية نتيجة الحرب، يؤكد الأخصائي النفسي د. جمال دقدوقي أن هذه الأرقام غير مبالغ فيها إطلاقًا، موضحًا أن تأثير الصدمة النفسية لا يطال الفرد وحده، بل يمتد إلى محيطه الأسري والاجتماعي بطريقة تشبه العدوى.
تأثير الصدمة داخل البيوت ويشرح د. دقدوقي أن وجود شخص واحد يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة كفيل بأن ينعكس سلبًا على المنزل بالكامل، إذ تتدهور العلاقات والتواصل، وتظهر سلوكيات غير مستقرة مثل: - العصبية الزائدة - العدوانية - الانطواء والعزلة - اضطرابات في المزاج - في بعض الحالات قد يصل الأمر إلى إيذاء النفس أو الانتحار
3 عرض المعرض
أزمة متفاقمة في قطاع غزة
أزمة متفاقمة في قطاع غزة
أزمة متفاقمة في قطاع غزة
(Flash90)
ويشير إلى أن ضغط الحرب، الغياب، الشعور بالتهديد، وأصوات القصف والإنذارات تركت أثرًا واسعًا امتد إلى ملايين الأسر.
العرب في الداخل: صدمة مضاعفة وفقدان متزايد وعند سؤاله عن أحوال المجتمع العربي في إسرائيل، يؤكد د. دقدوقي أنّ العرب “تعرضوا لصدمة مباشرة” في بعض المناطق التي شهدت أحداثًا دامية خلال الحرب، مشيرًا إلى: - وقوع إصابات مباشرة أدت إلى فقدان وألم كبير - معايشة العرب للأحداث بوصفهم شهودًا مباشرين - انتشار حالات الكوابيس والإرهاق النفسي - خسارة الكثيرين لأعمالهم وتعرضهم لإفلاس تجاري - ضغوط خانقة أدت إلى "كسْر دوائر الحياة الطبيعية" ويضيف أن فقدان الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي يُعد من أبرز العوامل التي تضاعف الصدمة النفسية لدى هذه الفئة.
غزة: صدمة شبه شاملة وغياب للبنى العلاجية أما عن الوضع النفسي في قطاع غزة، فيوضح د. دقدوقي الذي يعمل متطوعًا في الخدمات النفسية في غزة منذ نحو عقدين، أن نسبة الصدمة النفسية هناك “تصل إلى 85% بين الأطفال”، بحسب تقارير دولية، حيث لا تتوافر مراكز علاجية فاعلة بسبب الدمار والحصار. ويضيف:"في غزة لا داعي لحدوث كوابيس… فمجرد حلول الظلام كافٍ لإثارة الذعر والخوف والاضطراب." ويشير إلى أن استمرار القصف والتهجير وفقدان الأمان ترك آثارًا نفسية عميقة قد تمتد لسنوات طويلة، خصوصًا في ظل غياب بيئة علاجية أو تعليمية مستقرة.
ما بعد الحرب بداية الألم الحقيقي وفي ختام حديثه، يشدد د. دقدوقي أن نهاية الحرب لا تعني نهاية المعاناة، بل “بداية مرحلة مواجهة الألم”، إذ تبدأ الأعراض المكبوتة بالظهور بعد انحسار خطر القصف المباشر:"عندما تهدأ العاصفة، تظهر الأضرار. يطفو على السطح كل ما دفن خلال الحرب… لأنه لم يكن هناك وقت للبكاء." ويرى المختص أن التعامل الصحيح مع هذه الموجة من الصدمات يتطلب تدخلات واسعة النطاق، تشمل دعمًا نفسيًا، اجتماعيًا، واقتصاديًا، وإعادة بناء الثقة والأمان في المجتمعات المتضررة.