أبلغت جهات أمنية أميركية مؤسّسة الأمن الإسرائيلية بأن الولايات المتحدة ستبدأ خلال الشهرين المقبلين بسحبٍ تدريجي لقواتها من سوريا، بعد أن فشلت محاولات إسرائيل لإقناع واشنطن بالعدول عن القرار، وفقا لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم (الثلاثاء).
ومع ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل لا تزال تمارس ضغوطًا على الإدارة الأميركية في محاولة أخيرة لوقف الخطوة.
قرار غير مفاجئ
ولا يشكّل قرار الانسحاب مفاجأة كبيرة؛ إذ عبّر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مرارًا عن رغبته في إخراج القوات الأميركية من المنطقة، وقال "هذه ليست حربنا"، في حين كانت التحضيرات في البنتاغون قائمة منذ فترة، والآن بدأت الترجمة الفعلية للقرار.
ورجح مصدر أمني إسرائيلي أن الانسحاب سيكون جزئيًا في البداية، إلا أنّ التخوّف الرئيسي لإسرائيل هو من توسّع النفوذ التركي في سوريا، خصوصًا بعد سقوط نظام بشار الأسد، حيث تسعى تركيا لتعزيز سيطرتها في المناطق الشمالية والشرقية، وفقا للمصدر.
وتنتشر القوات الأميركية اليوم في نقاط استراتيجية في سوريا، وتخشى إسرائيل من أن تؤدّي مغادرة هذه القوات إلى فتح الطريق أمام تحرّكات تركية عسكرية قد تقيّد حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي، خصوصًا في مناطق مثل تدمر وقاعدة T4، التي سبق أن قُصفت بطائرات إسرائيلية مؤخرًا.
تحذيرات متبادلة
من جانبه، صعّد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لهجته وقال اليوم: "لن نسمح بتقسيم سوريا أو بعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل 8 كانون الأول"، مضيفا أن "كل من يسعى لإشعال نزاع في سوريا سيجدنا في مواجهته".
وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل رفعت تحذيرات لأنقرة ولواشنطن من أنّ تمركز قوات تركية في مناطق بعيدة عن حدود تركيا كـ"تدمر" سيُعتبر تجاوزًا لخط أحمر استراتيجي.
لقاء تركي اسرائيلي
وشهد الأسبوع الماضي لقاءًا تقنيًا في أذربيجان بين وفدين من إسرائيل وتركيا، هدفه إنشاء آلية لتجنّب الاحتكاك، على غرار التنسيق الجوي مع روسيا سابقًا.
وخلال اللقاء في أذربيجان، أكدت إسرائيل للجانب التركي أنّ أي تغيير في انتشار القوات الأجنبية داخل سوريا، وخاصة تمركز تركي في محيط قاعدة T4، سيُعد "كسرًا للأدوات" ويحمل عواقب.
وقال مصدر سياسي مطّلع: "أوضحنا أن أي تهديد لنا سيكون تهديدًا مباشرًا لحكومة الشرع في دمشق".
ورغم ذلك، ذكرت الصحيفة أن الدعم الذي أبداه ترامب لأردوغان في لقائه الأخير مع نتنياهو، والحديث عن دور وساطة أميركي، لا يبعثان على الطمأنينة داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، خصوصًا في ظل ما وصفته مصادر أمنية بأنه "سباق مع الزمن" لتوجيه ضربات قبل اكتمال الانسحاب الأميركي.