أزمة السير في إسرائيل: خسائر اقتصادية ونفسية متفاقمة دون حلول قريبة

تتفاقم أزمة السير في إسرائيل عامًا بعد عام، مسببة خسائر اقتصادية هائلة وتأثيرات نفسية عميقة دون حلول جذرية في الأفق         

راديو الناس|
1 عرض المعرض
حركة سير في شارع ايالون
حركة سير في شارع ايالون
أزمة سير في شارع ايالون
(Flash90)
في ظل تفاقم أزمة السير في شوارع البلاد، سواء داخل البلدات أو خارجها، تتصاعد التحذيرات من أبعادها الاقتصادية والنفسية العميقة، في وقت تفتقر فيه إسرائيل إلى رؤية استراتيجية شاملة لمعالجة هذه الإشكالية المستمرة منذ عقود. ويجمع خبراء في مجالي المواصلات والصحة النفسية على أن استمرار الوضع على ما هو عليه ينذر بتبعات خطيرة على الاقتصاد والمجتمع.
24 مليار شيكل سنويًا خسائر اقتصادية مباشرة
قال مهندس المواصلات والمحاضر في كلية الهندسة والبيئة في التخنيون، د. روبرت إسحاق، إن أزمة السير تُكبّد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر سنوية تقدّر بنحو 24 مليار شيكل، مضيفًا: "هذه الخسائر تنبع أساسًا من إهدار الوقت في الطرقات، وهو وقت يمكن استثماره في العمل أو مع العائلة". وأضاف أن هذه الكلفة قد ترتفع إلى 42 مليار شيكل سنويًا بحلول عام 2040 إذا لم يتم اتخاذ خطوات حقيقية.
مهندس المواصلات د. روبرت إسحاقمهندس المواصلات د. روبرت إسحاقتصوير شاشة
وأوضح إسحاق أن إسرائيل مثلها مثل الولايات المتحدة ركّزت على تطوير شبكة الطرق الخاصة بعد الحرب العالمية الثانية، متجاهلة تطوير المواصلات العامة، على عكس ما قامت به دول أوروبا. وقال: "في أوروبا اعتمدوا على السكك الحديدية والمترو كرافعة اقتصادية، بينما نحن نعتمد على المركبات الخاصة التي تزيد من الاختناق المروري".
غياب الرؤية وتجميد المشاريع
ورأى إسحاق أن الحكومة لا تتعامل بجدية مع الأزمة، مؤكدًا أن "المشاريع الكبرى مثل خطة المترو في تل أبيب، التي قد تستغرق 20 عامًا، تعاني من بطء شديد"، منتقدًا قرار وزيرة المواصلات الحالية ميري ريغيف بتجميد خطة المترو، رغم أهميتها الإستراتيجية. وأشار إلى أن "الوضع في البلدات العربية أكثر صعوبة بسبب بنية تحتية ضعيفة وشبكة شوارع لا تتيح تطوير منظومة مواصلات عامة فعالة".
ضغط نفسي واكتئاب بسبب الأزمات المرورية
من جانبه، شدّد الأخصائي والمعالج النفسي د. أمجد موسى على الأبعاد النفسية الخطيرة التي تتركها أزمة السير، قائلًا: "الازدحامات اليومية تولّد ضغطًا نفسيًا متراكمًا يؤدي إلى التوتر، الغضب، والإرهاق الذهني والجسدي، وقد يصل الأمر في بعض الحالات إلى اكتئاب مزمن". وأوضح أن "التأثير النفسي لا يقتصر فقط على اللحظة، بل يمتد لسنوات، ويؤثر على هرمونات الجسم، حتى على وضعية الجلوس داخل السيارة".
الأخصائي والمعالج النفسي د. أمجد موسىالأخصائي والمعالج النفسي د. أمجد موسىراديو الناس
وأشار موسى إلى أن بعض الأشخاص يعانون من رهاب قيادة أو مشكلات نفسية أخرى تزداد حدة بفعل الأزمات، موضحًا: "قد يفقد البعض حافزهم للذهاب إلى العمل، ما يهدد استقرارهم النفسي والاجتماعي، وقد يؤدي إلى العزلة".

توصيات للتعامل النفسي مع الأزمة
ولمواجهة هذا الواقع، قدم د. موسى سلسلة من التوصيات التي يمكن أن تخفف من التبعات النفسية:
  • تقبّل الواقع: "يجب ألا يتفاجأ السائقون بالأزمة، بل يتوقعوها ويستعدوا لها مسبقًا، مثل استخدام تطبيقات الملاحة لمعرفة حركة السير".
  • استغلال الوقت داخل السيارة: من خلال الاستماع إلى كتب صوتية أو بودكاست أو موسيقى هادئة، وممارسة التأمل البصري بالنظر إلى الطبيعة أو التخطيط الذهني.
  • الاهتمام بمساحة السيارة: "ترتيب السيارة وتنظيفها يساعد نفسيًا بشكل كبير، لأن الجلوس في بيئة فوضوية يزيد من التوتر".
وتبرز الحاجة إلى خلق وعي جماعي بأن أزمة السير في البلاد لم تعد ظرفًا مؤقتًا، بل واقعًا طويل الأمد يتطلب تغييرات في نمط الحياة، مثل تعزيز ثقافة العمل من المنزل وتقليص عدد أيام الدوام خارج البيت.
First published: 11:07, 17.04.25