كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، اليوم الأحد، عن رسالة وُصفت بـ"النادرة" وجهها عدد من شيوخ العشائر المؤثرة في مدينة الخليل إلى وزير الاقتصاد الإسرائيلي نير بركات، عبّروا فيها عن رغبتهم في الانفصال عن السلطة الفلسطينية، والانضمام لاتفاقيات أبراهام، مع استعدادهم للاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية.
الرسالة التي وقّع عليها 21 شيخًا، بقيادة الشيخ وديع الجعبري المعروف بـ"أبو سناد"، تضمنت دعوة إلى "تأسيس إمارة محلية تمثل سكان الخليل"، تكون بديلًا عن السلطة الفلسطينية، التي اتهمها الموقعون بالفساد والفشل في تمثيل الشعب الفلسطيني.كما جاء في التقرير.
وجاء في الرسالة:"نريد التعايش مع إسرائيل، ونرى أن اتفاق أوسلو جلب فقط الكوارث والموت والانهيار الاقتصادي. نطالب باتفاق جديد يضمن تمثيلًا حقيقيًا لأهل الخليل ويعترف بإسرائيل".
وبحسب الصحيفة، فإن الشيوخ اجتمعوا أكثر من 12 مرة مع الوزير نير بركات منذ شباط الماضي، وطلبوا منه إيصال الرسالة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. كما تضمنت الرسالة اقتراحًا بجدول زمني للانضمام إلى اتفاقيات أبراهام، وإنشاء منطقة اقتصادية مشتركة على مساحة 1000 دونم قرب جدار الفصل، إضافة إلى تسهيلات تشمل منح تصاريح عمل أولية لألف عامل من الخليل، على أن يتم توسيع العدد لاحقًا إلى 5 آلاف ثم إلى 50 ألفًا، وفق مقترحات نوقشت مع بركات.
جدل فلسطيني داخلي ومواقف حذرة إسرائيلية
وتأتي هذه المبادرة في وقت تتصاعد فيه في لبنان والضفة الغربية دعوات إلى تفكيك المليشيات ونزع سلاح الفصائل، وتتعاظم داخليًا الانتقادات للسلطة الفلسطينية وأدائها، خصوصًا بعد أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر.
أحد الشيوخ الذين فضّل عدم ذكر اسمه لدواعٍ أمنية، قال للصحيفة:"التفكير في إقامة دولة فلسطينية اليوم هو وصفة للكارثة. لا فتح تمثلنا، ولا حماس. فقط نحن نمثل أنفسنا".
من جانبه، قال الوزير بركات للصحيفة إنه يعمل بتنسيق مع رئيس الوزراء نتنياهو، وإنه يرى في هذه المبادرة "فرصة لتغيير الواقع"، مضيفًا:"لا أحد في إسرائيل يثق بالسلطة الفلسطينية، وكذلك عدد كبير من الفلسطينيين لم يعد يؤمن بها".
دعم من المستوطنين
رئيس مجلس شومرون الإقليمي، يوسي داغان، أعلن هو الآخر دعمه للمبادرة، قائلاً:"أعرف الشيخ الجعبري منذ 13 عامًا، ووالده كان قائدًا شجاعًا. هذه المبادرة تصحيح لـ32 سنة من الفساد والإرهاب منذ أوسلو، وهي تمثل خيارًا واقعيًا أفضل للفلسطينيين".
وتبقى الرسالة ومبادرة الشيوخ خطوة رمزية في الوقت الراهن، لكنها تعكس تصدعًا داخليًا آخذًا بالاتساع داخل المجتمع الفلسطيني، وتعيد طرح تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية والسلطة القائمة، في ظل تحولات سياسية إقليمية متسارعة.
رد العائلة
وأفاد معظم وجهاء عائلة الجعبري، المعروفين بتأثيرهم على مستوى محافظة الخليل، أنهم فوجئوا بما ورد في المقال واستنكروه بشدة، مؤكدين أن بعضهم لا يعرف الشخص المذكور فيه."
وجاء في رد أحد وجهاء العائلة:" ردًا على ما ورد في وسائل إعلام عبرية، وتحديدًا على تصريحات منسوبة لشيخ جعبري وبعض الأفراد الذين قيل إنهم يمثلون عشائر في الخليل، فأريد التوضيح بشكل قاطع أن هذه التصريحات لا تمثل بأي شكل من الأشكال موقف عائلة الجعبري العريقة، ولا تعبر عن إرادة أبنائها.عائلة الجعبري كانت وما زالت جزءًا أصيلًا من النسيج الوطني الفلسطيني، تقف إلى جانب شعبها في نضاله العادل من أجل الحرية والاستقلال، وترفض رفضًا قاطعًا أي مسعى للتطبيع أو الاعتراف بشرعية الاحتلال على أرضنا.
نحن نؤمن بحقوق شعبنا الثابتة، وفي مقدمتها حقه في أرضه، وحق اللاجئين في العودة، . ولن نقبل أن تُستخدم أسماء بعض الأفراد لتزييف المواقف أو تمرير مشاريع تتناقض مع تضحيات شعبنا ونضاله الطويل.
إن من يختار الوقوف إلى جانب الاحتلال والاصطفاف مع مشاريع تصفوية، لا يمثل إلا نفسه، ولا يملك شرعية الحديث باسم عائلة الجعبري، التي كانت دومًا إلى جانب قضايا الوطن، ومع شعبها، وضد كل من يتآمر عليه.