شهدت العلاقات بين مصر واليونان خلال اليومين الماضيين مباحثات مكثفة وتعهدات متبادلة بشأن دير سانت كاترين، في ظل ما أثير من شائعات حول إخلائه من الرهبان تمهيدًا لبيعه. وأكدت الرئاسة المصرية، في بيان رسمي مساء الخميس، التزامها الكامل بالحفاظ على المكانة الدينية والتاريخية الفريدة للدير، وعدم المساس به. وأضاف البيان أن الحكم القضائي الأخير يدعم هذا الالتزام، ويتسق مع ما أكده الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال زيارته لليونان أوائل مايو الجاري.
ويُعد دير سانت كاترين، المدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو، وجهة سياحية كبرى تستقطب الزوار من مختلف أنحاء العالم.
وأوضح الدكتور عبد الرحيم ريحان، خبير الآثار وعضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، أن الإمبراطور الروماني جستنيان أسس الدير عام 560 ميلادية لإحياء ذكرى زوجته ثيودورا، مشيرًا إلى أن الدير يضم منشآت متنوعة، منها كنيسة التجلي التي تحتوي على كنيسة العليقة الملتهبة و9 كنائس جانبية، إضافة إلى مكتبة ضخمة تضم 4500 مخطوطة نادرة، منها 600 باللغة العربية، ومخطوطات يونانية وإثيوبية وقبطية وأرمنية وسريانية، بعضها يعود إلى القرن الرابع الميلادي.
وأضاف الخبير المصري أن الدير يضم برج الناقوس المشيد عام 1817م، وعدة آبار تاريخية مثل بئر موسى وبئر العليقة، إلى جانب مقبرة الرهبان المعروفة بـ"الطافوس"، حيث تُجمع عظام الرهبان بعد تحلل أجسادهم في معرض خاص.
وكانت محكمة استئناف الإسماعيلية قد أصدرت، صباح الأربعاء، حكمها في النزاع حول بعض الأراضي المتنازع عليها في جنوب سيناء، وأكدت أحقية تابعي دير سانت كاترين في الانتفاع بالمواقع الدينية والأثرية التابعة للدير، مع ملكية الدولة لهذه المواقع بوصفها من الأملاك العامة. كما قررت المحكمة احترام العقود المبرمة بين الوحدة المحلية والدير بشأن بعض الأراضي المستغلة، نافية بذلك وقوع أي تعديات.
وأكد الحكم أيضًا أن الأراضي المتنازع عليها الأخرى تقع ضمن المحميات الطبيعية، وهي أملاك عامة للدولة لا يجوز التصرف فيها أو تملكها بالتقادم.
يأتي ذلك في وقت يشهد فيه محيط الدير أعمال تطوير شاملة، ما أثار بعض المخاوف حول مستقبل الدير وعلاقته التاريخية بالكنيسة اليونانية الأرثوذكسية.
لكن الحكومة المصرية أكدت أن أعمال التطوير لن تمسّ الدير أو رهبانه، في إطار الحفاظ على خصوصية هذا الموقع الديني والتاريخي الفريد.