تعيش العائلات العربية في هذه الأيام جوّا ممزوجا بين ضغوطات وهمّ يومي وربط الليل بالنهار سعيا لإتمام تحضيرات عودة الأبناء للمدارس، وبين فرحة الطلّاب وشغفهم لافتتاح العام الدراسي الجديد، وكلّه يصطدم في واقع اقتصادي واجتماعي صعب يترافق مع تحديات جمّة لدى السلطات المحلية لغياب الميزانيات وانعدام كافة الإمكانيات والسبل في تجهيز كامل يسبق العودة الى صفوف الدراسة.
عمر واكد: هناك تحسن نسبي في الاستعداد للعام الدراسي لكن التحديات كثيرة
غرفة الأخبار مع عفاف شيني
08:43
في حديث لراديو "الناس"، تطرق عمر واكد نصار، رئيس بلدية عرابة السابق ورئيس قسم المعارف في مجلس عيلبون المحلي، إلى واقع جهاز التعليم العربي، بين التحسن النسبي والتحديات الكبيرة التي ما زالت تواجهه.
نصار: هناك تحسّن ولكن التحديات كبيرة
وقال نصار: "لا أريد أن أبدأ بالتشاؤم، لكن بشيء من التفاؤل. هناك تحسن معين طرأ في السنوات الأخيرة بعد رصد ميزانيات إضافية للمؤسسات التعليمية، وجرى استثمارها في تعزيز المواضيع الأساسية وتطوير برامج يستفيد منها الطلاب في حياتهم الاجتماعية والسلوكية".
مع ذلك، شدّد على أنّ التحديات لا تزال كبيرة، وعلى رأسها أزمة المعلمين العاطلين عن العمل: "نحن نتحدث عن آلاف المعلمين الذين أنهوا دراستهم في كليات إعداد المعلمين، لكنهم اليوم يواجهون البطالة. هذه أزمة اجتماعية واقتصادية ونفسية، وهي مسؤولية الدولة ووزارة التربية والتعليم التي لا يمكن أن تؤهل المعلمين وتلقي بهم في سوق البطالة دون ضمان عمل لهم".
والعنف والجريمة تلقي بظلالها
وأشار نصار إلى أنّ قضية العنف والجريمة تلقي بظلالها على المدارس: "المدرسة صورة مصغرة عن المجتمع، وما يحدث في بلداتنا من عنف ينعكس على الطلاب داخل الصفوف. هناك حاجة ماسة لبرامج وقائية وتربوية تنقذ طلابنا من الانجرار نحو هذه الظواهر الخطيرة".
وفي ما يخص البرامج والخطط المحلية، أوضح: "في عيلبون عقدنا اجتماعات بمشاركة مديري المدارس وأقسام المجلس المحلي، ونعمل على خطة شاملة تتعلق بمكافحة المخدرات والكحول والتدخين بين صفوف الشبيبة، وهي آفة آخذة بالانتشار وتشكل خطراً حقيقياً على مستقبلهم".
ووجّه نصار رسالة واضحة للأهالي: "الدور الأساسي يبدأ من البيت. التربية السليمة مسؤولية الأهل أولاً، وعلى المدرسة والمعلمين أن يكملوا هذه الرسالة من خلال غرس القيم وتعزيز الانتماء. لم يعد دور المعلم يقتصر على نقل المعلومات، بل أصبح أصعب، إذ عليه أن يسهم في بناء جيل سليم معتزّ بهويته وتاريخه".
وختم محذراً من سياسة الترهيب بحق المعلمين: "سمعنا مؤخراً تصريح وزير التربية الذي قال إن كل معلم يشارك في مظاهرة ضد الحرب سيُستدعى لجلسة استماع تمهيداً لفصله. هذه سياسة ترهيب، لكن يجب ألا تمنعنا من مواصلة دورنا في التربية على القيم النبيلة والسليمة".
مديرة مدرسة الأخوّة في حيفا: نبدأ العام الدراسي بشغف رغم التحديات
مديرة مدرسة الأخوّة في حيفا: نبدأ العام الدراسي بشغف رغم التحديات
غرفة الأخبار مع عفاف شيني
08:23
وبدورها، أكدت مديرة مدرسة الأخوّة في حي وادي النسناس بمدينة حيفا، ميري سعادة الخل، أنّ الاستعدادات في المدرسة تجري على قدم وساق لاستقبال الطلاب، مشيرة إلى أنّ "العنصر الأساسي في نجاح المدرسة هو الطاقم التربوي".
وأوضحت الخل أنّ التحضيرات تشمل يومًا تمهيديًا للهيئة التدريسية يتخلله ورشات عمل وأنشطة تنظيمية، إلى جانب فعاليات خاصة لاستقبال طلاب الصف الأول. وأضافت: "يجب أن نكون مجهزين أولًا بقلوبنا وعقولنا، فالطاقم يحرص على إعداد البرامج التعليمية بما يتناسب مع الفروقات الفردية المتزايدة بين الطلاب".
ميزانيات محدودة وارتفاع كبير بالتكاليف
وتطرقت مديرة المدرسة إلى أبرز التحديات، وفي مقدمتها محدودية الميزانيات وارتفاع تكاليف المعيشة، قائلة: "نواجه صعوبات كبيرة في ظل غلاء الخدمات واللوازم، لكننا نسعى لاستغلال الميزانية بأفضل طريقة لتلبية احتياجات طلابنا ومعلمينا". وأشارت إلى أنّ المدرسة أقامت خلال العطلة الصيفية مخيمًا استمر ستة أسابيع "كان ناجحًا وساهم في تعزيز التواصل مع الطلاب وأولياء أمورهم".
وفي ما يتعلق بتأثير الأزمة الاقتصادية على الأهالي، أوضحت الخل أنّ المدرسة تنظم سنويًا مبادرات لدعم العائلات المحتاجة، منها توزيع حقائب مدرسية وقرطاسية بالتعاون مع جمعيات مختلفة. وقالت: "نحاول دائمًا أن نمد يد العون للأهالي حتى لا ينعكس العبء الاقتصادي على مسيرة أبنائهم التعليمية".
كما شددت على ضرورة رفع مكانة المعلمين في ظل التحديات المتزايدة، مضيفة: "المعلمون هم العنصر الأساسي في المدرسة، ولهذا أتعامل معهم بالطريقة ذاتها التي أريدهم أن يتعاملوا بها مع طلابهم".
وفي سياق متصل، أكدت الخل أنّ مواجهة ظاهرة العنف والجريمة تحتل موقعًا مهمًا في برامج المدرسة، مشيرة إلى أنّ "الهيئة التدريسية تركّز بشكل كبير على حصص التربية واللقاءات الفردية لترسيخ القيم الإنسانية، والتربية على التسامح والمسؤولية".
واختتمت مديرة المدرسة برسالة إلى المجتمع قائلة: "سنفتتح هذا العام بشغف وحب، لنجعل من المدرسة مكانًا آمنًا وملهمًا لأبنائنا. أنا على يقين أنّ التعاون بين المعلمين والطلاب والأهل سيجعل هذه السنة مليئة بالإنجازات والفرح".