ما الذي نراه عند الموت؟ دراسة صينية تكشف أسرار "تجارب ما بعد الحياة"

دراسة حديثة من معهد بكين للعلوم الرياضية والتطبيقات قدّمت مقاربة جديدة لفهم هذه الظاهرة، عبر تحليل تجارب الاقتراب من الموت

راديو الناس|
1 عرض المعرض
ما الذي نراه عند الموت؟
ما الذي نراه عند الموت؟
ما الذي نراه عند الموت؟
(chatgpt)
ما الذي يحدث للإنسان في اللحظات الأخيرة من حياته؟ سؤال لطالما حيّر البشرية منذ فجر التاريخ، بين من يراه سرًّا روحانيًا ومن يبحث له عن تفسير علمي.
لكن دراسة حديثة من معهد بكين للعلوم الرياضية والتطبيقات قدّمت مقاربة جديدة لفهم هذه الظاهرة، عبر تحليل تجارب الاقتراب من الموت (NDEs) لدى مجموعة من الأشخاص الذين عاشوا لحظات دقيقة بين الحياة والموت.
بين النور والثقب الأسود: رؤى متباينة وغامضة
أجرى الباحثون مقابلات معمّقة مع 48 شخصًا مرّوا بتجارب اقتراب من الموت، فكانت الشهادات متنوعة ومذهلة — تراوحت بين الرؤى الدينية الكلاسيكية والمشاهد الخارقة التي تشبه الخيال العلمي.
إحدى المشاركات وصفت تجربتها قائلة:“كانت هناك سلالم حجرية على يساري، ورأيت يسوع في الأعلى مرتديًا رداءً أبيض.”
في المقابل، روى مشارك آخر أنه شاهد ثقبًا أسود هائلًا محاطًا بهالة ضوء ساطع أخفت جميع الألوان، بينما قال آخر إنه رأى مصفوفة ضخمة من النقاط المتصلة في أبعاد متعددة، وأضاف:“شعرت أنه يمكنني الانتقال إلى أي مكان في الكون بمجرد التفكير فيه.”
العلم يقدّم تفسيرًا جديدًا
الباحثة فرانس ليرنر، المؤلفة الرئيسية للدراسة، قالت لصحيفة ديلي ميل البريطانية إن التجارب القريبة من الموت ليست دلائل على حياة ما بعد الموت، بل نتاج مباشر لتغيّرات في الدماغ أثناء توقفه التدريجي.
وأوضحت:“الدماغ البشري يخلق هذه الرؤى تبعًا لخلفية الفرد الثقافية والدينية، فهي أشبه بهلوسات منظمة تتأثر بما نؤمن به أو نتصوره عن العالم الآخر.”
وأضافت أن الشكل الهندسي لهذه التجارب يتغيّر تبعًا لانكماش مجال الرؤية تدريجيًا مع فشل الدماغ في الحفاظ على وظائفه الحيوية، ما يفسّر الشعور بالانتقال عبر نفق أو مساحة مضيئة.
أربعة أنماط هندسية لتجربة الموت
قسّم العلماء الظاهرة إلى أربع مراحل بصرية رئيسية مرتبطة بنشاط الدماغ:
النمط (A): رؤية نفق ضيق سببه انخفاض تدفق الدم.
النمط (B) و(C): انتقال الرؤية إلى أشكال بيضاوية أو مقوسة نتيجة فقدان جزئي في الإبصار.
النمط (C5): تجربة غامرة بالكامل داخل حيّز مغلق يُرى بزاوية 360 درجة.
وأشار الباحثون إلى أن المشاركين ينتقلون تدريجيًا من النمط (A) إلى (C5)، ما يوحي بوجود سبب فيزيولوجي مشترك يقف خلف هذه الظاهرة عبر تطور توقف الدماغ.
بين الإيمان والعلم
ورغم أن بعض الشهادات احتوت على رموز دينية ورؤى “نورانية”، إلا أن فريق الدراسة شدّد على أن هذه المشاهد ليست دليلًا على الحياة بعد الموت، بل انعكاس لتفكّك العلاقة بين الإشارات البصرية والجسدية داخل الدماغ عند اقتراب النهاية.
تقول ليرنر:
“عندما يبدأ الدماغ بالانهيار، يفقد الإنسان الإحساس بالزمن والمكان والذات، فتتشكل تلك الرؤى الغامرة التي يصفها البعض بأنها مرور نحو عالم آخر.”
وتُعدّ هذه الدراسة من أكثر الأبحاث شمولًا حول الظاهرة حتى اليوم، إذ تفتح الباب أمام مقاربة علمية عقلانية لما كان يُعد سابقًا “تجربة روحانية غامضة”، لتعيد تعريف حدود الوعي الإنساني بين العلم والإيمان والموت.