تواصلت، اليوم الأربعاء، في المحكمة المركزية في القدس جلسات التحقيق المضاد مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في إطار ما يُعرف بـ"القضية 1000"، وذلك لليوم الثاني على التوالي. يأتي هذا التحقيق في سياق اتهامات تتعلق بعلاقته برجال أعمال بارزين، وخاصة الملياردير أرنون ميلتشِن، وما تردد عن تلقيه هدايا ثمينة وامتيازات شخصية خلال فترات توليه مناصب عامة.
شهدت جلسة الأمس، التي وُصفت بأنها حادة ومليئة بالعواصف، مشاحنات بين نتنياهو وفريق الادعاء العام، فيها اتهم نتنياهو ممثلي النيابة العامة بالسعي وراء "ملاحقة سياسية"، مؤكدًا أن علاقته بميلتشِن كانت ذات طابع شخصي وليس سياسي، كما قلل من خطورة التهم الموجهة إليه، مكررًا وصفه لتجديد الصداقة مع ميلتشِن بأنه "حدث اجتماعي بحت".
سجال حول العودة إلى السياسة
في بداية الجلسة، استجوب المحامي يوني تدمور من مكتب الادعاء نتنياهو قائلًا: "هل لا تتذكر أو لا تؤكد ما إذا كنت تنوي العودة للحياة السياسية؟". فأجاب نتنياهو بالنفي. غير أن تدمور عرض على نتنياهو مقطعًا من شهادته السابقة، حيث اعترف بأن تعديل قانون أساس الحكومة كان يهدف للسماح له بالترشح مجددًا. وأكد نتنياهو أن من قدموا مشروع القانون "أرادوا عودته" إلى الساحة السياسية.
لاحقًا، سأله تدمور: "كيف تفسر أن تعديل قانون أساس الحكومة الذي عُرف إعلاميًا بقانون بيبي انعكس في وعي الجمهور على أنه يخص عودتك للسياسة؟". اعترض محامي نتنياهو مجددًا، وادّعى أن "الشهادة عن نوايا الجمهور" ليست ذات صلة، لكن القاضية تدخلت وأصرت على استمرار الأسئلة. رد نتنياهو بأن "الجمهور أراد عودته، لكن هو نفسه لم يرد ذلك".
نتنياهو: كنت "جثة سياسية"
تطرق الاستجواب إلى الفترة التي سبقت تولي نتنياهو منصب وزير المالية عام 2003، إذ أشار تدمور إلى أن نتنياهو وصف نفسه في تلك الفترة بأنه "جثة سياسية". أجاب نتنياهو بأن توليه منصب وزير المالية جاء في وقت أزمة اقتصادية شديدة، معتبرًا أن "وزارة المالية كانت بمثابة مقبرة سياسية".
سعى الادعاء العام إلى إظهار أن نتنياهو كان يخطط سرًا للعودة إلى السلطة، وأن علاقته بميلتشِن تعززت في هذا السياق. رد نتنياهو بأنه، رغم صداقته مع ميلتشِن، كان يعتبر نفسه خارج الحياة السياسية بعد خسارته انتخابات عام 1999 أمام إيهود باراك.
سجال حول استطلاعات الرأي
قدم تدمور استطلاعًا قديمًا أظهر تراجع مكانة حزب كاديما عام 2006، وحاول الربط بين نتائج الاستطلاع وعودة نتنياهو لاحقًا إلى قيادة حزب الليكود. اعتبر نتنياهو هذا "هندسة وعي"، مشددًا على أن استطلاعًا واحدًا لا يعكس الحقيقة الكاملة، وأنه في تلك المرحلة بالذات تحدث إلى أصدقائه عن "نهاية حياته السياسية".
في ختام الجلسة، أصر نتنياهو على أنه لم يكن يخطط للعودة إلى العمل السياسي، مكررًا عبارته "كنت أعيش حياة جيدة مع زوجتي". رغم ذلك، واصل فريق الادعاء استجوابه، في مسعى لإثبات أن علاقته بميلتشِن لم تكن مجرد صداقة شخصية بل كانت مرتبطة بمصالح سياسية.
الجلسات المقبلة ستحدد ما إذا كان بإمكان الادعاء العام إثبات وجود تضارب مصالح أو خرق للقانون في هذه العلاقة، وسط ترقب إسرائيلي ودولي واسع لمصير هذه المحاكمة التي تعد واحدة من أهم المحاكمات في تاريخ إسرائيل السياسي.