وسط هدوء نسبي يسود الحدود الشمالية، يبدي مسؤولون في أجهزة الأمن الإسرائيلية قلقًا متزايدًا من استمرار صمت حزب الله وتجنّبه الردّ على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، في وقت يعمل فيه التنظيم — وفق التقديرات — على إعادة بناء قدراته العسكرية وتعزيز مخزونه من السلاح.
وتشير تقديرات مسؤولين أمنيين تحدّثوا اليوم (الخميس)، إلى أن حزب الله ينتهج حاليًا سياسة "الاحتواء"، أي الامتناع عن تنفيذ عمليات انتقامية كبيرة قد تجرّ المنطقة إلى مواجهة واسعة، باعتبار أن أي خرق سيقابل — بحسب وصفهم — بردّ إسرائيلي عنيف وربما "غير متناسب".
خلفية القلق: حزب الله يعيد بناء قوته في الظل
وفق المسؤولين الإسرائيليين، يدرك حزب الله أن فتح جبهة واسعة الآن غير مجدٍ استراتيجيًا، ولذلك يفضّل تعزيز قدراته بعيدًا عن الأنظار. ومع ذلك، تشدد المؤسسة الأمنية في إسرائيل على عدم الاعتماد على فرضية عدم الرد، مؤكدة أن الجيش يستعد أيضًا لاحتمال هجوم مفاجئ من جانب التنظيم.
مقاربة إسرائيل: تشديد تدريجي دون تصعيد شامل
رغم امتناع إسرائيل عن رفع مستوى هجماتها بشكل كبير في لبنان، إلا أن الضربات الأخيرة — وخاصة تلك التي نُفذت أمس — تعكس، وفق مصادر إسرائيلية، ارتفاعًا في المستوى العسكري ضد ما تقول إنه خروقات حزب الله في الجنوب اللبناني.
كما نقلت إسرائيل مؤخرًا معلومات استخباراتية لواشنطن تُظهر — بحسبها — أن قدرات الجيش اللبناني في ضبط الأوضاع في الجنوب متدهورة جدًا، خلافًا لما يقدّمه الجيش اللبناني في تقاريره الرسمية.
إحباط إسرائيلي من أداء الحكومة اللبنانية
المصادر الأمنية في إسرائيل تعرب عن استياء متزايد من أن حكومة لبنان لا تقوم بعمل فعلي لكبح حزب الله، رغم تلقيها — عبر قنوات دولية — قائمة أهداف ومواقع للتنظيم في قرى جنوبية مثل بيت ليف.
وتقول إسرائيل إن الجيش اللبناني:
- لم يقتحم هذه المواقع
- لم يفكّك البنى التحتية التابعة لحزب الله
- لم يطبّق قرارات منع نشاط التنظيم جنوب الليطاني
وصف المسؤولون الوضع بأنه مخالف تمامًا للصورة التي تحاول بيروت تقديمها دوليًا.
سيناريو التصعيد: ماذا لو اشتعل الشمال؟
التقديرات الأمنية الإسرائيلية تشير إلى أنه في حال اندلاع مواجهة واسعة، أو إذا قررت إسرائيل تنفيذ عملية كبيرة في لبنان، فإن حزب الله قادر على إطلاق عشرات الصواريخ يوميًا، بعضها بعيد المدى.
وتؤكد مصادر أمنية أن:
الجبهة الشمالية ستكون نقطة الاشتعال الكبرى
الجيش الإسرائيلي أنهى إعداد خطط عملياتية شاملة لأي طارئ
القيادة السياسية والأمنية لا تستبعد حرب "اللا خيار" إذا لم تغير بيروت سلوكها
وبحسب هذه التقديرات، فقد حدّدت إسرائيل إطارًا زمنيًا تتوقع من الحكومة اللبنانية خلاله اتخاذ خطوات صارمة ضد حزب الله. أما في حال استمرار العجز، فإن إسرائيل — كما تقول مصادرها — "لن يكون أمامها خيار سوى جولة عسكرية أخرى".
خلاصة المشهد
في وقت يواصل فيه حزب الله صمته، وتبدو الحكومة اللبنانية متعثّرة، تستعد إسرائيل للاحتمالين معًا: احتواء محدود أو تصعيد واسع. وبين القلق الإسرائيلي والجمود اللبناني، تبقى الحدود الشمالية مفتوحة على كل السيناريوهات — من استمرار الهدوء الحذر إلى مواجهة قد تُفرض على الجميع.

