استمعت هذا الصباح لرئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، مازن غنايم، وهو يبرر لراديو الناس غياب الرؤساء العرب عن التظاهرة الاحتجاجية أمام ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية. وبرغم محاولاته المتكررة، لم أقتنع.
أعذار لا تليق بخطورة الجريمة
غنايم برر الغياب بعدم انعقاد جلسة حكومية، وبأن رئيس الحكومة ووزير الأمن الداخلي لم يكونا موجودين. لكن السؤال الأهم: هل الاحتجاج مرهون بوجودهم؟ هل نحتاج إذناً لنطلق صرخة غضب على هذا النزيف المستمر في مجتمعنا؟
الاحتجاج ليس فقط من أجل أن يُسمع الصوت مباشرة في أروقة الحكومة، بل هو تعبير عن موقف، عن رفض، عن رفض السكوت على تواطؤ الشرطة والحكومة مع الجريمة والمجرمين. لم أفهم كيف يمكن لرئيس لجنة قطرية أن يختم حديثه بدعوة الناس إلى ما معناه: "كل واحد يدير باله على حاله ويربّي أولاده"، وكأننا لسنا بحاجة إلى قيادة موحدة تقود معركة الوجود.
القيادة مسؤولية لا لقب

رئاسة لجنة قطرية أو بلدية ليست لقباً فخرياً، بل مسؤولية كبرى تبدأ بقضايا التعليم والأمان وتنتهي بحفظ حياة الناس. لا أحد يطلب من رؤساء السلطات المحلية أن يكافحوا الجريمة بأيديهم، لكن من واجبهم قيادة الشارع، تحريك المجتمع، الضغط السياسي، تعرية سياسات التمييز والتهميش، لا الاكتفاء بالبحث عن حجج واهية.
بدلاً من التبرير، كان على غنايم ومن معه أن يقدموا خطة، رؤية، مسارًا مستدامًا للاحتجاج، حتى لو لم تُعقد جلسة حكومية. من يمنعكم من تنظيم مظاهرة أمام الكنيست أو أي مقر رسمي آخر؟ من يمنعكم من استقطاب حلفاء يهود، من تفعيل الإعلام، من تجنيد المجتمع المدني في معركة المصير؟
دمنا ليس ملفاً ثانوياً
ما سمعناه من غنايم لا يليق. هو لا يسمن ولا يغني عن جوع. نعم، ما فات قد فات، ولكن ماذا عن الغد؟ أين الخطة؟ أين الرؤية؟ هل اللجنة القطرية تملكها؟ هل لجنة المتابعة تمتلك أدوات المواجهة؟ أم أن الأولوية ما زالت لتوزيع الميزانيات والوظائف، بينما دماؤنا تسيل في الشوارع؟
الجريمة في مجتمعنا ليست عرضاً عابراً، بل تهديد استراتيجي وجودي. والرد يجب أن يكون بمستوى هذا التهديد، لا من خلال الأعذار والتبريرات. نريد من قياداتنا رداً استراتيجياً، لا مجرد إدارة أزمة منتهية. نريد صرخة مدوية، لا همساً في الظل.
لم يطلب أحد من غنايم أو غيره أن يلتقوا رئيس الحكومة، بل أن يقودوا حشداً، أن يطلقوا صرخة احتجاج على هذا القتل المستمر.
ربما لا زال هناك وقت. لعل القادم أفضل، إذا كان هناك من يستيقظ حقاً.