شهدت عدة مدن حول العالم اليوم الثلاثاء احتجاجات واسعة مناهضة للعمليات الإسرائيلية في قطاع غزة، وذلك بمناسبة الذكرى الثانية لهجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر 2023، الذي أشعل شرارة الحرب المستمرة حتى اليوم.
ورغم الجدل السياسي والتحذيرات من أن هذه المظاهرات قد تُفسَّر على أنها تمجيد للعنف، إلا أن المشاركين أكدوا أن هدفهم هو التنديد بالأوضاع الإنسانية في غزة والدفاع عن حقوق الفلسطينيين.
ونُظمت التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في سيدني وعدة مدن أوروبية مثل لندن، باريس، جنيف، أثينا، سالونيك، إسطنبول، وستوكهولم، في وقت يرى فيه مراقبون أن تلك التحركات تعكس تحولاً في المزاج العالمي، إذ بات التعاطف الدولي يميل بشكل متزايد نحو الفلسطينيين بعد أن كان موجهاً في البداية لإسرائيل.
انتقادات سياسية واسعة
في أستراليا، قال كريس مينز، رئيس حكومة ولاية نيو ساوث ويلز، لمحطة إذاعية محلية إن توقيت المظاهرة في سيدني "فظيع ويعكس تبلداً في المشاعر".
أما في بريطانيا، فاعتبر رئيس الوزراء كير ستارمر أن تنظيم احتجاجات في ذكرى الهجوم الذي وصفه بـ"اليوم الأكثر دموية لليهود منذ الهولوكوست" أمر "لا يمت للبريطانيين بصلة". وأشار ستارمر إلى أن بعض المتظاهرين يستخدمون سياسات الحكومة الإسرائيلية ذريعة لمهاجمة اليهود البريطانيين، محذراً من تصاعد الاعتداءات المعادية للسامية، خاصة بعد هجوم استهدف كنيساً يهودياً في لندن الأسبوع الماضي وأدى إلى مقتل شخصين.
مشاهد متباينة في الشوارع الأوروبية
في لندن، لوّح مئات المحتجين بالأعلام الفلسطينية ورددوا هتافات مناهضة لإسرائيل أمام جامعة كينغز كوليدج، بينما تجمع على مقربة منهم عدد صغير من المؤيدين لإسرائيل.
وقال مارك إتكيند، وهو متقاعد بريطاني من أبناء الناجين من المحرقة، إنه يشارك في الاحتجاجات لأنه "يعارض أي إبادة جماعية"، مؤكداً دعمه للطلاب الذين ينشطون ضد الحرب.
وفي برلين، أقيمت فعالية عند بوابة براندنبورغ تم خلالها إضاءة الشموع ووضع صور للضحايا، في مشهد رمزي لإحياء الذكرى وفق التقاليد اليهودية، فيما شهدت إسرائيل فعاليات مشابهة.
احتجاجات إضافية ومواقف رسمية
في هولندا، رش ناشطون مؤيدون للفلسطينيين طلاءً أحمر على القصر الملكي في أمستردام احتجاجاً على منع بلدية المدينة لمسيرة مؤيدة للفلسطينيين، في حين سُمح بتنظيم فعالية مؤيدة لإسرائيل.
أما في إيطاليا، فقد حظرت السلطات مظاهرة في بولونيا بدعوى احتمال وقوع اضطرابات، بعد أيام من اشتباكات متكررة بين الشرطة والمحتجين في أنحاء البلاد.
وفي تركيا، يعتزم ناشطون تنظيم احتجاج أمام شركة طاقة تصدر لإسرائيل، بينما تستعد السويد لاستقبال ناشطين كانوا محتجزين لدى إسرائيل، بينهم الناشطة البيئية غريتا تونبرغ، بعد محاولتهم كسر الحصار البحري على غزة عبر "أسطول الصمود العالمي".
موازنة حرية التعبير والأمن
تواجه حكومات عدة في أوروبا والعالم معضلة الموازنة بين الحق في التظاهر وضرورة حماية الجاليات اليهودية، وسط تصاعد الخطاب المعادي للسامية منذ بدء الحرب وفقا لتصريحات المسؤولين.
ويرى مراقبون أن هذه الاحتجاجات المتكررة، التي تُنظم منذ عامين في عشرات الدول، تعكس عمق القلق الدولي من تدهور الوضع الإنساني في غزة، وتؤكد أن صوت الشارع بات عاملاً ضاغطاً في السياسات الغربية تجاه الصراع.


