في واقعة أثرية نادرة، أعلنت سلطة الآثار عن اكتشاف كنز مكوّن من 22 عملة برونزية في موقع بقرية ياقوق المهجرة منذ عام 1948، وكانت تقع في منطقة الجليل. وُجدت العملات مخبأة في منظومة من الخنادق والصخور، ويُقدَّر عمرها بما يقارب 1600 عام.
د. وليد الأطرش: الكنز عُثر عليه في خنادق قديمة تعود للقرن الأول الميلادي استُخدمت حتى القرن الثالث الميلادي
غرفة الأخبار مع عفاف شيني
08:45
د. وليد أطرش، الباحث في سلطة الآثار، أوضح في حديث لراديو الناس أن الاكتشاف تم خلال حفريات أثرية بإشراف الباحثين ينون شافتيل وأوري بيرجل. وقال: "الكنز عُثر عليه في خنادق قديمة تعود للقرن الأول الميلادي، استُخدمت حتى القرن الثالث الميلادي. صاحب هذا الكنز قام بإخفائه في عمق منظومة معقّدة من الأنفاق، تنتهي بغرفة كبيرة حُفرت فيها حفرة خصيصاً لإيداع العملات".
صلة بالثورات اليهودية ضد الرومان
تكمن أهمية هذه العملات، وفقاً لد. أطرش، في أنها تلقي الضوء على أحداث تاريخية غامضة. وأوضح: "هذا الاكتشاف يمنحنا معلومات جديدة عن ثورة جالوس (أو ديكالوس) التي وقعت بين عامي 351 و352 ميلادي ضد الحكم الروماني. لدينا معلومات واسعة عن ثورتي اليهود السابقتين ضد الرومان، الأولى بين عامي 66-69 ميلادي، والثانية ثورة باركوخبا عام 132-134 ميلادي، لكن ثورة جالوس بقيت غامضة إلى حد بعيد. المفاجأة الكبرى كانت أننا وجدنا أن نفس الخنادق التي أُعدّت في القرن الثاني الميلادي استُخدمت مجدداً بعد نحو مئتي عام خلال تلك الثورة".
وأضاف: "هذا يفتح أمامنا باباً لفهم الاستعدادات العسكرية واللوجستية التي سبقت الثورة، ويؤكد أن هذه المنطقة كانت ذات أهمية استراتيجية وسكانية بالغة في تلك الحقبة".
موقع غني بالآثار
وأشار أطرش إلى أن منطقة ياقوق تُعد من أغنى المناطق أثرياً: "نعرف أن المنطقة سكنتها حضارات متعاقبة منذ الفترة الرومانية وحتى عام 1948، لوجود عين ماء فيها، وهو ما جعلها موقعاً حيوياً للاستيطان. ومنذ عام 2019، تُجرى في ياقوق حفريات مفتوحة يشارك فيها متطوعون من الجمهور، وكان المتطوعون هم من اكتشفوا هذا الكنز تحديداً".
وأوضح أن المكان يضم أيضاً آثاراً بارزة تعود إلى القرن الخامس الميلادي، منها كنيس يهودي جرى اكتشافه في الموقع، وقال: "هذا الكنيس يعد من أجمل ما كُشف في بلادنا من أرضيات فسيفسائية، إذ صُوّرت فيها مشاهد من سفر القضاء التوراتي. كل هذه المكتشفات تجعل من يقوق موقعاً بالغ الأهمية على المستويين التاريخي والأثري".
مصير الكنز والموقع
وعن مصير الكنز بعد العثور عليه، أوضح د. أطرش: "كل ما يُكتشف في الحفريات الأثرية يُنقل إلى المخازن الوطنية بعد دراسته. هذه اللقى متاحة للعرض أمام أي متحف أو مؤسسة ترغب في إتاحتها للجمهور".
أما بشأن الموقع نفسه، فقد أكد أنه سيُفتح للزيارات قريباً: "يقوق سيصبح موقعاً أثرياً مفتوحاً للجمهور، حيث سيتمكن الزوار من التعرف إلى هذا الكنز وإلى تاريخ المنطقة العريق".


