مع انتشار مقطع فيديو التُقِط مؤخرًا للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارة رسمية إلى فيتنام، ظهرت فيه زوجته بريجيت وهي تدفع وجهه بيديها أثناء خروجهما من الطائرة، عادت إلى الواجهة شائعة قديمة لطالما لاحقت السيدة الأولى لفرنسا، تدّعي انّها لم تولد كامرأة.
وتعود هذه الشائعات إلى الانتخابات الرئاسية الفرنسيّة عام 2017، قبل أن تتحوّل إلى حملة منظّمة وعلنيّة عام 2021 إثر مقال نشرته مجلّة Faits et Documents الفرنسيّة اليمينية، قيل فيه أنّ بريجيت وُلدت ذكرًا باسم "جان-ميشيل ترونيو"، وخضعت لعملية تغيير جنس في الثلاثين من عمرها، وأنّ الهوية التي تُعرف بها اليوم ملفّقة بالكامل.
في ديسمبر 2021، وقبيل الانتخابات الرئاسية الفرنسية، نشرت إحدى الشخصيات المؤيّدة للنظرية فيديو مطوّلًا على يوتيوب، قدّمت فيه سردًا تفصيليًا يدعم الشائعة، ويشكّك بوجود زوج بريجيت الأوّل من الأساس، ويلمّح إلى احتمال تزوير مستندات أبنائها الثلاثة. وقد حُذِف الفيديو لاحقًا، بعدما حقّق انتشارًا واسعًا داخل فرنسا، لمخالفته سياسات يوتيوب المتعلّقة بالمعلومات المضلّلة؛ في حين رفعت عائلة ماكرون دعوى تشهير انتهت بحكم قضائي لصالحها عام 2024.
بعد انتشار مقطع "الصفعة"، استغلّ عدد من الإعلاميين اليمينيين في الولايات المتحدة الفرصة لإعادة الترويج للادّعاءات القديمة حول الهوية الجندرية لبريجيت ماكرون، معتبرين الفيديو "دليلًا إضافيًا" على صحّتها، حتّى انّ بعضهم وصف القصّة بأنّها "أكبر فضيحة سياسية في التاريخ الحديث".
ويُذكر أنّه، وقبل أن تتجدّد الشائعة مؤخرًا على خلفية فيديو فييتنام، كانت عائلة ماكرون قد واجهتها علنيًّا في خضمّ تصاعدها وبلوغها القضاء الفرنسي عام 2024، حين حذّر الرئيس ماكرون من "المعلومات الكاذبة والمفبركة"، على حدّ تعبيره، مشيرًا إلى انّها لا تقتصر على الشأن السياسي، بل تطال أيضًا الحياة الخاصّة والعائلية. أمّا ابنة بريجيت ماكرون، فوصفت ما يجري بأنّه "شكلٌ من أشكال التحرّش"، معربة عن قلقها من طبيعة المجتمع الذي يتيح لمثل هذه السرديات ان تنتشر.
على أيّ حال، هذه ليست المرّة الأولى التي تطال فيها مثل هذه الادّعاءات شخصيات نسائيّة بارزة؛ إذ سبقت بريجيت ماكرون كلٌّ من ميشيل أوباما، السيّدة الأولى السابقة للولايات المتّحدة، وجاسيندا أرديرن، رئيسة وزراء نيوزيلندا سابقًا – واللتين تعرّضتا لشائعات مشابهة تشكّك بأنوثتهنّ أو بهويّتهن الجندرية. فهل يُستَخدم هذا النمط كأداة رمزيّة لاستهداف نساء يشكّلن حضورًا بارزًا في مواقع السلطة ويتحدّين الصورة النمطية التقليدية للمرأة، أم أنّ الهدف الحقيقي هو النّيل من شركائهن في الحكم، من خلال الطعن برجولتهم وبصورتهم العامّة؟