كشفت وكالة "رويترز" في تقرير خاص، استنادًا إلى وثائق داخلية لشركة "ميتا"، أنّ الشركة حققت أرباحًا تُقدّر بنحو 16 مليار دولار من إعلانات تروّج لعمليات احتيال، ومراهنات، ومنتجات محظورة.
وتشير الوثائق، التي أُعدّت بين عامي 2021 و2025، إلى أنّ "ميتا" – التي تدير منصّات فيسبوك وإنستغرام وواتساب – كانت على دراية بحجم الظاهرة، لكنها فضّلت فرض "غرامات" على المعلنين بدلًا من حظرهم.
وأوضحت الوثائق أنّ نحو عشرة في المئة من عائدات "ميتا" السنوية مصدرها هذه الإعلانات "عالية الخطورة"، حيث تُعرض يوميًا أكثر من 15 مليار إعلان يُصنّف بأنها احتيالية أو مزيّفة. وبيّنت تقارير داخلية أنّ سياسات الشركة تتيح حظر المعلنين فقط إذا تأكّد النظام الآلي بنسبة 95 في المئة من تورطهم في عمليات احتيال، بينما يُسمح لمن يُشتبه بهم بدرجة أقل بالاستمرار مقابل أسعار أعلى، تُقدَّم كـ"غرامات ردعية"، لكنها في الواقع تدرّ أرباحًا إضافية للشركة.
غرامات ضئيلة قياسا بالأرباح
ووفقًا لعرض داخلي قُدّم في أيار/مايو 2025، فإن نحو ثلث عمليات الاحتيال الناجحة في الولايات المتحدة تمّت عبر منصّات "ميتا". في المقابل، أكّد المتحدث باسم الشركة، آندي ستون، أنّ الأرقام الواردة "مبالغ فيها" وتعرض "صورة غير متوازنة"، مشيرًا إلى أنّ "ميتا" خفّضت بلاغات المستخدمين عن الإعلانات الاحتيالية بنسبة 58 في المئة خلال 18 شهرًا، وأزالت أكثر من 134 مليون إعلان خلال عام 2025.
وتُظهر مراجعة داخلية أخرى أنّ "نشر الإعلانات الاحتيالية على منصّات ميتا أسهل من نشرها على جوجل"، ما يعكس ضعف إجراءات الفحص لدى الشركة مقارنة بمنافستها. كما توقّعت "ميتا" أن تُواجه غرامات تنظيمية تصل إلى مليار دولار بسبب فشلها في حماية المستخدمين، لكنها اعتبرت – بحسب وثائقها – أنّ هذه الغرامات "ضئيلة" قياسًا بالأرباح الناتجة من الإعلانات الاحتيالية.
ورغم تصريحاتها العلنية عن مكافحة الاحتيال، تُظهر الوثائق أنّ إدارة "ميتا" العليا اتخذت إجراءاتها فقط تحت ضغط التهديدات التنظيمية، وحددت هدفًا لتقليص أرباحها من هذه الإعلانات إلى 7.3% بنهاية عام 2025، ثم إلى 5.8% بحلول عام 2027.
تشديد القيود
وفي السياق الدولي، يتّجه المنظّمون في أوروبا وبريطانيا لتشديد القيود على شركات التكنولوجيا، حيث يطبّق الاتحاد الأوروبي قانون الخدمات الرقمية (DSA)، الذي يُلزم المنصّات الكبرى بتحديد المخاطر الناتجة عن المحتوى غير القانوني والمنتجات المزوّرة. أما بريطانيا فأقرّت قانون "السلامة على الإنترنت"، الذي يفرض على المنصّات ومحرّكات البحث منع ظهور الإعلانات الاحتيالية المدفوعة.
أما في إسرائيل، فما زال الإطار التنظيمي قيد الإعداد، لكن هناك توجّه لفرض مسؤولية مباشرة على الشبكات الاجتماعية في حال عدم تعاملها السريع مع المحتوى غير القانوني أو الاحتيالي. وتشمل الخطط إنشاء آلية رسمية لتلقي شكاوى الجمهور، وإلزام المنصّات بالرد خلال وقت قصير، إلى جانب تعيين جهة رقابية مختصّة بالإشراف على نشاطها.
وقال نائب مدير جمعية الإنترنت الإسرائيلية، عيدان رينغ، إنّ "الوثائق تكشف أن منصّات ميتا تُظهر يوميًا نحو 15 مليار إعلان احتيالي، إلى جانب 22 مليار محاولة احتيال عضوية"، مضيفًا أنّ "الشركة تجني أرباحًا طائلة من المعلنين المشتبهين بالاحتيال بدلًا من معاقبتهم، في حين تبقى سلطات الدول عاجزة عن مواجهة هذا النفوذ الهائل لشركات التكنولوجيا العالمية".
First published: 16:12, 09.11.25



