كشفت دراسة علمية حديثة عن عامل صحي خفي يشكّل تهديدًا مباشرًا لصحة القلب والأوعية الدموية، وقد يؤدي إلى زيادة خطر الوفاة المبكرة، يتمثّل في انقطاع النفس الانسدادي النومي غير المعالج.
وخلص الباحثون إلى أن هذا الاضطراب، الذي يتميّز بتوقّف متكرر للتنفس أثناء النوم، لا يؤثر فقط على جودة النوم، بل يُحدث تغييرات عميقة ومتراكمة في بنية ووظائف القلب والأوعية الدموية، ما يسرّع من عملية الشيخوخة القلبية الوعائية.
الدراسة، التي قادها ديفيد غوزال، نائب رئيس الشؤون الصحية وعميد كلية جوان سي. إدواردز للطب في جامعة مارشال، بالتعاون مع باحثين من كلية الطب بجامعة ميسوري، اعتمدت على تجربة طويلة الأمد أُجريت على فئران مخبرية، بهدف محاكاة الانخفاضات المتقطعة في مستويات الأكسجين التي يتعرض لها مرضى انقطاع النفس النومي خلال الليل.
وخلال التجربة، راقب الباحثون تأثير التعرض المزمن لنقص الأكسجين المتقطع على صحة القلب والأوعية الدموية على امتداد العمر الكامل للفئران. وأظهرت النتائج أن الفئران التي تعرّضت لفترات متكررة من نقص الأكسجين سجّلت معدلات وفاة أعلى مقارنة بتلك التي عاشت في ظروف أكسجين طبيعية.
مؤشرات واضحة لتسارع شيخوخة القلب
كما كشفت الدراسة عن مؤشرات واضحة لتسارع شيخوخة الجهاز القلبي الوعائي، شملت ارتفاع ضغط الدم، ضعف وظائف القلب، انخفاض مرونة الأوعية الدموية، تراجع احتياطي تدفّق الدم التاجي، إضافة إلى اضطرابات في النشاط الكهربائي للقلب.
وأشار الباحثون إلى أن الإجهاد الفسيولوجي المزمن الناتج عن انقطاع النفس النومي غير المعالج يُحدث تغييرات جذرية في القلب والأوعية الدموية، قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تقليص متوسط العمر.
وفي هذا السياق، قال الدكتور محمد بدران، المعدّ الرئيسي للدراسة وأستاذ مساعد في طب الأطفال وعلم الأدوية والسموم بجامعة ميسوري، إن نتائج الدراسة تؤكد أن تأثيرات انقطاع النفس النومي الانسدادي “تتجاوز بكثير مجرد اضطرابات النوم”، موضحًا أن “النقص المتكرر في الأكسجين يفرض عبئًا تراكميًا على القلب والأوعية الدموية، ما يسرّع الشيخوخة البيولوجية ويزيد خطر الوفاة”، مشددًا على أهمية التشخيص المبكر والعلاج السريع.
من جهته، أكد غوزال أن نتائج الدراسة توفّر دليلًا مباشرًا على العلاقة بين انقطاع النفس النومي وأمراض القلب والأوعية الدموية على مدار العمر، مشيرًا إلى أن النموذج التجريبي المستخدم أتاح عزل العوامل الخارجية الأخرى، ما يبرز خطورة هذا الاضطراب عند تركه دون علاج.
وأوضح الباحثون أن التشخيص المبكر واتباع العلاجات المناسبة، وعلى رأسها استخدام جهاز ضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر (CPAP) إلى جانب خيارات علاجية أخرى، يمكن أن يلعب دورًا حاسمًا في تحسين صحة القلب والأوعية الدموية على المدى الطويل، لا سيما في المجتمعات الريفية والمحرومة التي تعاني من محدودية الوصول إلى الرعاية الصحية المتخصصة.