في مقابلة مع راديو الناس، قدّم الدكتور عبد العزيز الغشيان، الباحث في السياسة الخارجية السعودية تجاه إسرائيل، رؤية معمقة حول موقف المملكة من التطبيع مع إسرائيل وعلاقة ذلك بصفقة طائرات F-35 الأمريكية، بالإضافة إلى تقييمه لواقع القضية الفلسطينية وأثرها على العلاقات الإقليمية.
في البداية، شكر الدكتور الغشيان على منحه فرصة التعبير عن "الصوت السعودي"، مشيراً إلى أن "الكثير من الحوارات التي تتناول السعودية لا تتم بصوت سعودي"، معبراً عن أهمية أن يسمع الرأي من داخل المملكة.
صفقة الـF-35 والتطبيع
الغشيان لراديو الناس: صفقة الـF-35 ليست بطاقة تطبيع مع تل أبيب
هذا المساء مع شيرين يونس
09:48
وأوضح أن محاولة ربط صفقة طائرات F-35 مع التطبيع بين السعودية وإسرائيل "هي محاولة إسرائيلية لكسب نقاط سياسية في الداخل، لكنها لا تحمس السعودية ولا تمثل رغبة حقيقية لها"، مؤكداً أن "السعودية تركز حالياً على تطوير علاقاتها الثنائية مع الولايات المتحدة لأغراض ثنائية، تشمل التعاون الدفاعي والاقتصادي والتقني".
وأضاف: "السعودية لا ترى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية التي تُعتبر متطرفة تجعل من الحوار حول التطبيع أمراً غير ممكن سياسياً وحتى في الشارع السعودي هو أمر صعب جداً".
وفيما يتعلق بمدى جدية موضوع التطبيع المقترح، قال: "هذا موضوع غير جاد لأنه لا يعكس المصلحة السعودية ولا المصلحة الأمريكية، خصوصاً مع إدارة الرئيس ترامب التي تتبع سياسة (أمريكا أولاً)". وأشار إلى أن "صفقة الـF-35 قد تواجه عرقلة من نتنياهو"، متوقعاً أن "أي محاولة للتطبيع ستصطدم بعقبات سعودية أيضاً".
موازنة بين الضغط الأمريكي والظروف الإقليمية
كشف د. الغشيان عن أن السعودية تتبع "أسلوباً دبلوماسياً يحافظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة دون الدخول في تصادم مع ضغوط ترامب"، قائلاً: "السعودية تقول بأنها منفتحة على العلاقات الطبيعية مع إسرائيل، شرط أن تكون هناك شروط واضحة وعملية ذات مصداقية". أما هذه الشروط، فيوضح الباحث، بأنها تشمل "وجود إطار لحل الدولتين، ونوايا صادقة للتفاوض، وتنازلات ملموسة من الحكومة الإسرائيلية، وهذا ما لا يظهر حتى الآن".
وأكد أن السعودية ليست في عجلة من أمرها للتطبيع، واصفاً ما يُثار عن استعجال سعودي بـ"الكلام الفارغ"، مضيفاً: "الأولوية للسعودية هي تطوير الأمور التقنية والاقتصادية التي تمثل استراتيجية التنوع الاقتصادي الوطني، وهي أهم من الصفقات الأمنية في الوقت الحالي".
القضية الفلسطينية وواقع قطاع غزة
بالنسبة لقضية قطاع غزة وتأثيرها على العلاقات الإقليمية، قال الدكتور الغشيان: "الوضع في غزة يجب أن يكون مناسباً لتمكين الدور العربي المطلوب، لكن وجود الجيش الإسرائيلي في الخطوط الحمراء يمنع أي تدخل أمني أو جهود إعادة إعمار فعالة".
وأضاف أن اللقاء المرتقب بين ولي العهد السعودي والرئيس الأمريكي ترامب سيكون مهماً، لكنه أشار إلى أن "التغيرات الميدانية المتسارعة في غزة لم تسمح للجانب العربي بأن يلعب دوره بالشكل المطلوب"، مؤكداً أن السعودية تسعى للحفاظ على التوازن وتجنب التصادم، خصوصاً وأن "صفقة ترامب ساهمت في وقف التصعيد".
وشدد على أن "هذا الموقف السعودي هو نقطة انطلاق لمحاولة تغيير الأوضاع في المستقبل لكي يكون هناك دور فعال في إعادة إعمار غزة".
في الختام، أكد د. عبد العزيز الغشيان أن السياسة السعودية تجاه إسرائيل تقوم على موازنة دقيقة بين الحفاظ على المصالح الوطنية، والضغوط الدولية، والتطورات الإقليمية، مع أولوية واضحة للتنمية الاقتصادية والتقنية، مع استمرار التشديد على ضرورة وجود حل عادل للقضية الفلسطينية كشرط لأي تطبيع محتمل.


