أصدر قاضيّة محكمة العمل اللوائية في نوف هچليل، القاضية أوريت يعكوفس، قرارًا حاسمًا في أعقاب جلسة مطوّلة عقدت يوم الإثنين 19 أيار/مايو 2025، بعد دعوى طارئة تقدّمت بها الهستدروت بسبب تأخّر بلدية الناصرة في دفع رواتب العمال. وقد تضمّن القرار توجيه انتقادات شديدة لإدارة البلدية، وإلزامها بتخصيص 70% من كافة الأموال التي تدخل لصندوق البلدية لصرف الرواتب ومعاشات التقاعد، فيما يخصص 30% فقط للخدمات الحيوية الأخرى.
انهيار في دفع الرواتب وصرخات العمال
خلال الجلسة، عرض ممثلو الهستدروت والموظفين صورة قاتمة عن الأوضاع في البلدية، إذ لم يتقاضَ العمال رواتبهم منذ ثلاثة أشهر. وقال ممثل الهستدروت: “الوضع مأساوي، هناك عمّال يبكون في الهاتف لأنهم لا يجدون ما يطعمون به أبناءهم”. كما أشار إلى أن بعض العمال اضطروا إلى التوجه للسوق السوداء أو إلى الاقتراض لشراء الطعام والدواء.
وأضاف المحامي عن الهستدروت أن “الدولة متأخرة جدًا في التدخل، والبلدية لم تقم بواجبها تجاه موظفيها. لا يمكن أن يبقى العمال مصدر تمويل بديل للبلدية، هذا لا يُحتمل”.
انتقاد للقادة المحليين وتقصير في المعطيات
وجّه ممثلو النقابة انتقادات مباشرة إلى رئيس البلدية والإدارة، وطالبوا بتغيير القيادة المحلية: “على الدولة أن تبحث عن قيادة ملائمة تخرج المدينة من هذه الأزمة”. كما اشتكوا من غياب مدير للموارد البشرية منذ 10 سنوات، ورفض البلدية تقديم بيانات دقيقة حول الموظفين المطلوب تسريحهم أو الحفاظ عليهم.
وذكر ممثل الموظفين: “البلدية تتجاهل الاتفاقيات الجماعية، ولا تعترف بأقدمية العاملين، بل تعطي امتيازات لموظفين جدد وتحرم القدامى من حقوقهم”.
موقف الدولة: البلدية هي المسؤولة، والمقترحات غير قانونية
من جهتها، شددت ممثلة الدولة على أن المسؤولية المباشرة تقع على عاتق البلدية، وقالت: “البلدية هي المُشغّلة، لا يمكن للدولة أن تدفع الرواتب نيابة عنها. نرفض أن نكون طرفًا في حلول غير قانونية”.
وأضافت: “اقتراح إنشاء حساب خاص لحماية رواتب الموظفين غير قانوني، أُلغي منذ عام 2007. لا يمكن تخصيص كل الأموال فقط للرواتب دون الالتفات إلى مزوّدي الخدمات مثل شركات النظافة والنفايات”.
ومع ذلك، اعترفت الدولة بخطورة الوضع، مشيرة إلى أن وزارة الداخلية “دفعت سابقًا بدلًا من البلدية مصاريف النظافة، رغم غياب خطة تعافٍ مصادق عليها، ولكن هذا ليس حلًا دائمًا”.
عجز مالي ضخم وخطط إنقاذ غير مفعّلة
أقرّ القائم بأعمال المدير العام للبلدية بأن الناصرة تُدار اليوم من دون بنية إدارية كاملة، وأكد أن العجز المالي بلغ 320 مليون شيكل، فيما لم يتم بعد المصادقة على خطة الإنقاذ. وقال إن “البلدية تحتاج إلى قرض بمبلغ 30 مليون شيكل لسد فجوة الرواتب”، مشيرًا إلى أن الاتصالات مع البنوك لم تُفضِ إلى نتيجة.
وفيما يخصّ إجراءات خفض النفقات، قال ممثل البلدية إنهم خفّضوا ميزانيات الحراسة والنظافة، وحققوا وفورات بنحو 600 ألف شيكل شهريًا، لكن “هذا غير كافٍ”، على حد تعبيره.
قرار المحكمة
في ختام الجلسة، أصدرت المحكمة قرارًا ملزمًا جاء فيه:
• تخصيص %70 من أموال البلدية التي تدخل حسابها للرواتب ومعاشات التقاعد.
• تخصيص %30 للخدمات الحيوية فقط.
• إلزام البلدية بتكثيف اتصالاتها مع البنوك للحصول على قرض فوري.
• إذا لم يُمنح القرض، فعلى الدولة النظر في سبل مساعدتها ماليًا لتأمين الرواتب.