"بابا جبتلّي بيضة؟": شهادات من غزّة عن تدهور الوضع الإنساني

نعمة من قطاع غزّة: "حتى من يملك النقود لا يجد ما يشتريه، والأطفال ينامون جائعين دون توفير أدنى الحاجات. الناس جوعانة"

4 عرض المعرض
تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة
تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة
تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة
(فلاش 90)
مع تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، يعيش اهالي القطاع أوضاعًا مأساوية غير مسبوقة، في ظل الجوع، وغياب الماء والدواء، واستمرار الإغلاق، وتوقف المساعدات بفعل استمرار الحرب على غزة. حسب شهادات يدلي بها اهالي القطاع.
نعمة، شابة في الثانية والعشرين من عمرها، تحدّثت لراديو الناس من وسط مدينة غزة، ناقلة صورة موجعة للحياة اليومية تحت الحصار، حيث أصبح الحصول على وجبة طعام متكاملة حلمًا بعيد المنال حسب تعبيرها
نعمة: الأطفال يصرخون بالشوارع جوعى ولا يوجد طعام
هذا النهار مع شيرين يونس وفراس خطيب
08:38
"كلّ ما تسمعونه أو تشاهدونه لا يُمثّل واحدًا في المئة ممّا نعيشه فعليًا"، بهذه الكلمات استهلّت نعمة حديثها، واصفة واقعًا قاسيًا لا تملك فيه العائلات أكثر من وجبة طعام واحدة في اليوم. وأضافت: "لم يعد أحد يتحدث عن الهدنة، الكلّ يتحدّث فقط عن غياب المساعدات. لم نعد نحظى بوجبة عشاء، ووجبة الغداء غالبًا ما تكون من العدس أو الأرز، وهي ليست مشبعة".

السوق خال من الأكل

4 عرض المعرض
تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة
تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة
تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة
(فلاش 90)
وتشير نعمة إلى أن السوق خالٍ من المواد الغذائية، رغم ارتفاع الأسعار: "حتى إن وُجد المال، فماذا سأشتري؟ السوق خالٍ تمامًا من أيّ شيء يمكن تناوله".
وعن انقطاع المساعدات، تقول: "نحن نتحدّث عن أربعة أشهر لم تدخل خلالها أي مساعدات. كل ما كنا نملكه من مؤن قد نفد. نحن نستهلك دون أن يكون هناك ما يُعوّض ذلك".
أمام مراكز المساعدات، ليس الحال أفضل، حيث تقول: "هناك من يطهو طعامه على الحطب، ليكتفي بوجبة واحدة تكون غداءً وعشاءً معًا. وحتى ما يُسمى بالتكيات أو المساعدات، فهي لا تكفي، والعائلات الكبيرة لا تحصل على ما يسدّ حاجتها منها".

"نعيش بخوف دائم وبجوع معا"

4 عرض المعرض
تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة
تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة
تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة
(فلاش 90)
وتضيف: "كنا قبل الحرب نعيش في خوف دائم، أما اليوم فنحن نعيش في خوف وجوع في آنٍ واحد. بات من الطبيعي أن ترى طفلًا يبكي في الشارع من شدّة الجوع، وأمه تعجز عن إسكاته لأنها لا تملك ما تطعمه به".
وتروي نعمة حادثة مؤلمة عن طفلة في عائلتها: "شقيقتي الصغيرة تبلغ من العمر عامين، وقد اعتادت أن تجد البيت خاليًا من الطعام. في كلّ مرة تخرج فيها والدتها إلى السوق وتعود خالية اليدين، تسألها الصغيرة: 'ماذا يعني لا يوجد شيء؟'، وهي لا تفهم حتى الآن معنى هذا الكلام" الطفلة وعمرها سنتين تسأل ببراءة "ماذا يعني لا يوجد بيض؟".
أما عن مصدر دخل العائلة، فتوضح نعمة أن المحل التجاري الخاص بوالدها قد تعرّض للقصف قبل أيام، وكان ذلك آخر أمل للعائلة: "نقول له فقط ابقَ بيننا، لا حاجة للمزيد من الألم. نحن نحاول تدبير أمورنا بما لدينا فقط لنشعر بوجود أحبائنا حولنا".

"لكل شخص بغزة قصة موجعة"

4 عرض المعرض
تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة
تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة
تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة
(فلاش 90)
رغم كل شيء، تؤكّد نعمة أن هذه ليست حالتها وحدها: "كل شخص في غزة لديه قصة أكثر إيلامًا من الآخر. مهما حاولنا أن نشرح لكم، لن تستطيعوا تصور حجم الكارثة التي نمرّ بها. نحن، مثلًا، ما زلنا في منازلنا، لكن هناك من يعيشون في خيام منذ سنتين، بلا مصدر دخل، وبلا طعام منذ أسبوع".
وحين سُئلت عن مظاهر التضامن بين الناس، أجابت: "من يملك القليل يشارك، لكن الوضع صعب على الجميع. إن كان لديك ما يزيد اليوم، فغدًا قد تكون أنت المحتاج. الجميع يعيش تحت ضغط الحاجة".
أمّا عن الآمال المعلّقة على المفاوضات الجارية في الدوحة، فقالت بمرارة: "نعيش على الأمل الكاذب. يُقال لنا: السبت هدنة، الإثنين هدنة، الجمعة تُحلّ. منذ سنتين ونحن نسمع الوعود نفسها. نضحك على أنفسنا، لأننا نعلم في قرارة أنفسنا أنّ شيئًا لن يتغير. نحن نموت ببطء".
وفي نهاية حديثها، لخّصت نعمة واقع القطاع بقولها: "بصراحة، كلّ الحرب شيء، وهذا الأسبوع الأخير شيء آخر تمامًا. لم نرَ مثله من قبل".
حديث نعمة يعكس صورة موجعة للحياة في غزة، خاصةً مع جمود المفاوضات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل في قطر، وعدم وجود أي مؤشرات فعلية على انفراجة قريبة.
"نحن لا نعاني من الجوع فقط، بل نموت ببطء، والعالم لا يشعر".