كشفت معطيات حديثة نشرتها دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، عن تحوّل لافت في حركة الأكاديميين، إذ أظهرت أنه ابتداءً من عام 2023، وللمرة الأولى منذ سنوات طويلة، تجاوز عدد الأكاديميين الذين غادروا البلاد عدد الذين عادوا إليها، في مؤشر مقلق على اتساع ظاهرة هجرة العقول.
انعطافة منذ عام 2023
وبحسب التقرير، فقد بدأت منذ عام 2022 ملامح تراجع في أعداد الأكاديميين العائدين من الخارج، مقابل ارتفاع تدريجي في أعداد المقيمين خارج البلاد، قبل أن يتكرّس هذا الاتجاه بشكل واضح في عام 2023، حيث سُجلت قفزة في عدد المغادرين وانخفاض حاد في أعداد العائدين. واستمر هذا المنحى خلال عام 2024 أيضًا، وإن بوتيرة أقل حدّة.
أكثر من 54 ألف أكاديمي خارج البلاد
وتشير معطيات عام 2024 إلى أن 54,778 من حاملي الشهادات الأكاديمية من خريجي مؤسسات التعليم العالي في إسرائيل، الذين أنهوا دراستهم بين الأعوام 1990 و2018، يقيمون في الخارج لمدة ثلاث سنوات أو أكثر. ووفق البيانات، فإن هذه النسبة تشمل 11.9% من حاملي الدكتوراه، و8.1% من حاملي الماجستير في الطب، و5% من حاملي الماجستير، و6.4% من حاملي اللقب الأول.
بلدات ميسورة في صدارة المغادرين
ويُظهر التقرير أن غالبية الأكاديميين المقيمين في الخارج ينحدرون من بلدات ذات مستوى اجتماعي-اقتصادي مرتفع، تتصدرها مدن المركز.
تخصصات العلوم والهندسة في المقدمة
كما تكشف المعطيات أن الأكاديميين الحاصلين على شهادات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) هم الأكثر ميلًا للبقاء خارج البلاد مقارنة بتخصصات أخرى، إذ ترتفع نسبة المقيمين في الخارج بينهم بمقدار 1.6 مرة في اللقب الأول، و2.4 مرة في اللقب الثاني، و2.5 مرة في اللقب الثالث.
الموسيقى واللغات والعلاقات الدولية أيضًا
وتبرز نسب مرتفعة بشكل خاص بين خريجي الموسيقى، واللغة الإنجليزية وآدابها، والرياضيات، والعلاقات الدولية، إضافة إلى حملة الماجستير في الطب، ما يعكس اتساع الظاهرة إلى ما هو أبعد من التخصصات التكنولوجية وحدها.
خريجو الجامعات الأكثر هجرة
ويشير التقرير إلى أن النسبة الأعلى من المقيمين في الخارج هي بين خريجي الجامعات، مقارنة بخريجي الكليات الأكاديمية والجامعة المفتوحة وكليات إعداد المعلمين، في مؤشر إضافي على استنزاف مراكز البحث والتعليم العالي.
فروقات ديموغرافية لافتة
كما تُظهر المعطيات فروقات ديموغرافية، حيث تبلغ نسبة اليهود المقيمين في الخارج 6.2% مقابل 2.3% لدى العرب، فيما تسجل نسبة الرجال المقيمين في الخارج 7.6% مقارنة بـ5.2% بين النساء.
تحذير من الأكاديميا: جرس إنذار للدولة
وعلّق مجلس رؤساء جامعات الأبحاث على النتائج محذرًا من تداعياتها، واصفًا معطيات اللمّاس بأنها "جرس إنذار وتحذير خطير لصنّاع القرار"، مشيرًا إلى أن قرابة ربع خريجي الدكتوراه في الرياضيات وعلوم الحاسوب يختارون بناء مستقبلهم المهني خارج البلاد.
وأضاف المجلس أن الدولة تستثمر موارد ضخمة في تأهيل العقول المتميزة، لكنها تخسرها في لحظة حاسمة، ما يشكّل ضربة مباشرة لمحركات النمو الاقتصادي، ولقطاع الهايتك، وللأمن، وللحصانة الوطنية، محذرًا من أن غياب استثمار فوري في البنية التحتية البحثية وتوفير الاستقرار للباحثين الشباب سيؤدي إلى استمرار نزيف العقول إلى الخارج.
