يعقد عشرات وزراء الخارجية من دول العالم، اليوم الإثنين، مؤتمرًا دوليًا في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، بهدف إحياء الجهود الرامية إلى تحقيق حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين، وسط غياب ملحوظ لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل، اللتين أعلنتا رسميًا مقاطعتهما لهذا الحدث.
المؤتمر الذي يُعقد بتنظيم مشترك من فرنسا والسعودية، كان من المقرر عقده في يونيو/حزيران الماضي، لكنه تأجل بسبب التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد إيران، ليُعاد جدولته هذا الأسبوع بموجب قرار سابق للجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في سبتمبر/أيلول 2023، والذي دعا إلى عقد مؤتمر في عام 2025 لدفع جهود السلام في الشرق الأوسط.
ويهدف المؤتمر إلى صياغة معايير واضحة لخريطة طريق تُفضي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، مع ضمان ما تصفه الدول المنظمة بـ"أمن إسرائيل". ويأتي ذلك في ظل استمرار الحرب المدمرة في قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي أسفرت حتى الآن، بحسب وزارة الصحة في غزة، عن مقتل أكثر من 60 ألف فلسطيني، فيما تشير إحصائيات إسرائيلية إلى مقتل 1200 شخص في هجوم 7 أكتوبر واحتجاز نحو 250 رهينة.
وفي حديث لصحيفة لا تريبيون ديمانش الفرنسية نُشر أمس، قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إنه سيستغل المؤتمر كمنصة لحث الدول على الانضمام إلى فرنسا في الاعتراف بدولة فلسطين، مشيرًا إلى أن بلاده تسعى لقيادة "مسار أكثر طموحًا" يُتوَّج في 21 سبتمبر المقبل، خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
فرنسا تعترف بفلسطين
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أعلن الأسبوع الماضي أن باريس تعتزم الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين خلال اجتماع الأمم المتحدة في سبتمبر، في خطوة لقيت ترحيبًا فلسطينيًا وتنديدًا إسرائيليًا.
وأضاف بارو أن بلاده تتوقع من الدول العربية، خلال المؤتمر، إصدار إدانة صريحة لحركة حماس، والمطالبة بنزع سلاحها، في سياق مساعٍ لتهيئة بيئة سياسية جديدة تسمح بعودة مفاوضات السلام المجمدة منذ سنوات.
في المقابل، اعتبرت الولايات المتحدة أن المؤتمر لا يخدم جهود السلام، بل يمثل – حسب تعبير متحدث باسم الخارجية الأميركية – "هدية لحماس"، التي تُتهم برفض مقترحات وقف إطلاق النار التي وافقت عليها إسرائيل، وتتضمن إطلاق سراح المختطفين ووقف القتال. وأكد المتحدث أن واشنطن سبق وصوتت ضد القرار الأممي الداعي لعقد المؤتمر، ولن تدعم أي مبادرة قد "تقوّض فرص التوصل إلى تسوية سلمية دائمة".
من جهته، قال جوناثان هارونوف، المتحدث باسم بعثة إسرائيل لدى الأمم المتحدة، إن بلاده ترفض المشاركة في مؤتمر "يتجاهل القضايا الجوهرية مثل إدانة حماس وإعادة الرهائن".
وتدعم الأمم المتحدة منذ عقود رؤية حل الدولتين، والتي تقوم على إقامة دولة فلسطينية في حدود الأراضي المحتلة عام 1967، وتشمل الضفة الغربية، وقطاع غزة، والقدس الشرقية، إلى جانب دولة إسرائيل، ضمن حدود آمنة ومعترف بها دوليًا.
وفي مايو/أيار 2024، صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة لصالح قرار يعتبر فلسطين مؤهلة لنيل العضوية الكاملة في المنظمة الدولية، داعية مجلس الأمن لإعادة النظر في الطلب بشكل إيجابي. وحظي القرار بتأييد 143 دولة مقابل اعتراض 9 دول فقط، ما يعكس دعماً دولياً متزايداً لتطلعات الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة.